عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٨٠
مطبوب. قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: في أي شي؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ناس من أصحابه فجاء فقال: يا عائشة! كأن ماءها نقاعة الحناء أو: كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال: قد عافاني الله فكرهت أن أثور على الناس فيه شرا، فأمر بها فدفنت.
مطابقته للترجمة في قوله: (سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل) وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
والحديث مضى في صفة إبليس، بعين هذا الإسناد.
قوله: (حدثنا إبراهيم بن موسى) وفي رواية أبي ذر: حدثني بالإفراد. قوله: (عن أبيه) وقع في رواية يحيى القطان عن هشام: حدثني أبي، وسيأتي في رواية ابن عيينة عن ابن جريج: حدثني آل عروة عن عروة، وفي رواية الحميدي: عن سفيان عن ابن جريج حدثني بعض آل عروة عن عروة. قوله: (من بني زريق) بضم الزاي وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالقاف وهم بطن من الأنصار مشهور من الخزرج، وكان بين كثير من الأنصار وبين كثير من اليهود قبل الإسلام حلف وود، فلما جاء الإسلام ودخل الأنصار فيه تبرؤا منهم، والسنة التي وقع فيها السحر سنة سبع، قاله الواقدي، وعن الإسماعيلي: أقام فيه أربعين ليلة، وعند أحمد: ستة أشهر، وعن السهيلي: أنه لبث سنة، ذكره في (جامع معمر) عن الزهري. قوله: (حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه) على صيغة المجهول من التخييل وبعض المبتدعة أنكروا هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها لأن كل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وتجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع، ورد عليهم ذلك بقيام الدليل على صدقه فيما بلغه من الله تعالى وعلى عصمته في التبليغ، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها فهو في ذلك عرضة لما يعترض البشر: كالأمراض، وقيل: لا يلزم من أنه كان يظن أنه فعل الشيء ولم يكن فعله أن يجزم بفعله ذلك، وقال عياض: السحر تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده، والدليل عليه ما روى في مرسل سعيد بن المسيب: حتى كاد ينكر بصره. قوله: (حتى إذا كان ذات يوم) لفظ: ذات، مقحم للتأكيد. وقال الزمخشري: هو من إضافة المسمى إلى اسمه، وقال الكرماني: ذات يوم، بالرفع، ويروى بالنصب. قوله: (أو ذات ليلة) شك من الراوي، وقال بعضهم: الشك من البخاري لأنه أخرجه في صفة إبليس: حتى كان ذات يوم، ولم يشك. قلت: الشك من عيسى بن يونس فإن إسحاق بن راهويه أخرجه في (مسنده) عنه على الشك. قوله: (لكنه دعا ودعا) قال الكرماني: لكنه، للاستدراك فما المستدرك منه؟ فأجاب بقوله: إما هو عندي أي: كان عندي، لكن لم يشتغل بي بل بالدعاء، وإما كان يخيل إليه أنه يفعله أي: كان المتخيل في الفعل لا في القول، والعلم إذ كان دعاؤه على الصحيح والقانون المستقيم، ووقع في رواية ابن نمير عند مسلم: فدعا ثم دعا ثم دعا، وهذا هو المعهود منه أنه كان يكرر الدعاء ثلاثا. قوله: (أشعرت؟) أي: أعلمت. قوله: (أفتاني فيما استفتيته) أي: أجابني فيما دعوته، وفي رواية الحميدي: (أفتاني في أمر استفتيته فيه)، ووقع في رواية عمرة عن عائشة: (إن الله أنبأني بمرضي). قوله: (أتاني رجلان) ووقع في رواية أحمد والطبراني كلاهما عن هشام: (أتاني ملكان)، وسماهما ابن سعد في رواية منقطعة: (جبرائيل وميكائيل عليهما السلام. قوله: (فقعد أحدهما عند رأسي)، الظاهر أن الذي قعد عند رأسه جبريل عليه السلام لخصوصيته به صلى الله عليه وسلم. قوله: (فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل؟) روى النسائي من حديث زيد بن أرقم: (سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياما، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن رجلا من اليهود سحرك. عقد لك عقدا في بئر كذا). فدل هذا على أن المسؤول هو جبريل والسائل ميكائيل عليهما السلام. قوله: (ما وجع الرجل؟) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية ابن عيينة: (ما بال الرجل؟) وفي حديث ابن عباس عند البيهقي: ما نرى فيه. فإن قلت: هذا السؤال والجواب: هل كانا والنبي صلى الله عليه وسلم نائم أو في اليقظة؟ قلت: قيل كان ذلك في المنام: إذ لو جاء إليه وهو يقظان كانا يخاطبانه، وهو يسمع، وأطلق في رواية عمرة عن عائشة أنه كان نائما، ووقع عند ابن سعد من حديث ابن عباس
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»