عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٦٥
لشخص آخر، وأما انبعاث شيء منه إليه فهو من الممكنات. وقال ابن الجوزي: العين نظر باستحسان وأن يشوبه شيء من الحسد ويكون الناظر خبيث الطبع كذوات السموم، ولولا هذا لكان كل عاشق يصيب معشوقه بالعين، يقال: عنت الرجل إذا أصبته بعينك فهو معين ومعيون والفاعل عائن.
5738 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان قال: حدثني معبد بن خالد قال: سمعت عبد الله بن شداد عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرني رسول صلى الله عليه وسلم أو: أمر أن يسترقى من العين.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ومحمد بن كثير، قال الكرماني ضد القليل وقال صاحب (التوضيح): شيخ البخاري محمد بن كبير بالباء الموحدة بعد الكاف. قلت: هذا غلط، والظاهر أنه من الناسخ الجاهل، وسفيان هو الثوري، ومعبد بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الباء الموحدة ابن خالد القاضي الكوفي التابعي، وعبد الله بن شداد هو المعروف بابن الهاد، له رؤية وأبوه صحابي.
والحديث أخرجه مسلم في الطب عن أبي بكر وأبي كريب وإسحاق بن إبراهيم وعن محمد بن عبد الله بن نمير. وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن منصور وأخرجه ابن ماجة فيه عن علي بن محمد.
قوله: (أو أمر)، شك من الراوي، وأخرجه أبو نعيم في (مستخرجه) عن شيخ البخاري فيه فقال: أمرني، جزما، وكذا أخرجه النسائي والإسماعيلي من طريق أبي نعيم عن سفيان الثوري، وفي رواية لمسلم من طريق عبد الله بن نمير عن سفيان: كان يأمرني أن أسترقي، وعنده من طريق مسعر عن معبد بن خالد: كان يأمرها. قوله: (أن يسترقي) أي: بطلب الرقية ممن يعرف الرقي بسبب العين، وقال الخطابي: الرقية التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما يكون بقوارع القرآن، وبما فيه ذكر الله تعالى على ألسن الأبرار من الخلق الطاهرة النفوس، وهو الطب الروحاني، وعليه كان معظم الأمر في الزمان المتقدم الصالح أهله، فلما عز وجود هذا الصنف من أبرار الخليقة مال الناس إلى الطب الجسماني حيث لم يجدوا الطب الروحاني نجوعا في الأسقام لعدم المعاني التي كان يجمعها الرقاة المقدسة من البركات، وما نهى عنه هو رقية العزامين ومن يدعى تسخير الجن.
5739 حدثني محمد بن خالد حدثنا محمد بن وهب بن عطية الدمشقي حدثنا محمد بن حرب حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي أخبرنا الزهري عن عروة بن الزبير عن زينب ابنة أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة.
مطابقته للترجمة في آخر الحديث. قوله: (محمد بن خالد) هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي بضم الذال المعجمة، وقد نسبه إلى جد أبيه، وكذا قال الحاكم والجوزقي والكلاباذي وأبو مسعود ومن تبعهم، ووقع في رواية الأصيلي هنا: حدثنا محمد بن خالد الذهلي، فانتفى الظن بهذا أن يذهب الوهم إلى محمد بن خالد بن جبلة الرافعي الذي ذكره ابن عدي في شيوخ البخاري، ومحمد بن وهب بن عطية سلمي قد أدركه البخاري ولا يدري لقبه، وما له عنده إلا هذا الحديث، ومحمد بن حرب الخولاني الحمصي كان كاتبا لمحمد بن الوليد الزبيدي وهو ثقة عند الجميع.
وفي هذا السند نكتة غريبة جدا، وهي أنه اجتمع من نفس البخاري إلى عروة ستة أنفس اسم كل منهم محمد فهو مسلسل بالمحمدين الأول: البخاري اسمه محمد، والثاني: محمد بن خالد، والثالث: محمد بن وهب، والرابع: محمد بن حرب، والخامس: محمد بن الوليد، والسادس: محمد بن مسلم، وهو الزهري، ومن روى البخاري من طريق الفراوي عن الحفصي عن الكشميهني عن الفربري كانوا عشرة، وهذا السند مما نزل فيه البخاري في حديث عروة ثلاث درجات فإنه أخرجه في (صحيحه): حدثنا عبيد الله بن موسى عن هشام بن عروة عن أبيه، وهو في العتق، فكان بينه وبين
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»