عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١١٠
03 ((باب نكاح المحرم)) أي: هذا باب في بيان نكاح المحرم هل يصح أم لا. قال بعضهم: كأنه يميل إلى الجواز لأنه لم يذكر في الباب إلا حديث ابن عباس ليس إلا، ولم يخرج حديث المنع كأنه لم يصح عنده. قلت: الظاهر أن مذهبه جواز نكاح المحرم. قوله: ولم يخرج حديث المنع إلى آخره، فيه تأمل، لأن عدم تخريجه حديث المنع لا يستلزم عدم صحته عنده، ولئن سلمنا ذلك فلا مانع أن يصح عند غيره ويعمل به.
4115 حدثنا مالك بن إسماعيل أخبرنا ابن عيينة أخبرنا عمرو حدثنا جابر بن زيد، قال: أنبأنا ابن عباس رضي الله عنهما، تزوج النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم.
مطابقته للترجمة من حيث إنه بين الإبهام الذي في الترجمة ومالك بن إسماعيل بن زياد النهدي الكوفي، وقال البخاري: مات سنة تسع عشرة ومائتين يروي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد أبي الشعثاء أنه قال: أنبأنا ابن عباس أي: أخبرنا: تزوج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، والحال أنه محرم.
والحديث مضى في الحج في: باب تزويج المحرم، وفيه ذكر التي تزوجها. وأخرجه عن أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج عن الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، وقد مضى الكلام فيه هناك مستوفي، ولنذكر بعض شيء فقال النووي: قال أبو حنيفة يصح نكاح المحرم لقصة ميمونة، وهو رواية ابن عباس. فأجيب عنه بأن ميمونة نفسها روت أنه تزوجها حلالا وهي أعرف بالقضية من ابن عباس لتعلقها بها، وبأن المراد بالمحرم أنه في الحرم، ويقال لمن هو في الحرم: محرم، وإن كان حلالا قال الشاعر:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما أي: في حرم المدينة، وبأن فعله معارض بقوله: لا ينكح المحرم، وإذا تعارضا يرجح القول، وبأن ذلك من خصائصه، صلى الله تعالى عليه وسلم. انتهى.
قلت: أجاب عن حديث ابن عباس بأربعة أجوبة نصرة لمذهب إمامه، والكل ما يجدي شيئا. فالجواب عن الأول: كيف يحكم بأن ميمونة أعرف بالقضية من ابن عباس ولا تلحق ميمونة ابن عباس في هذه القضية وفير غيرها؟ ومع هذا روي عن جماعة من الصحابة ما يوافق في ذلك رواية ابن عباس، وهو عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وأبو هريرة وعائشة ومعاذ وأبو عبد الله بن مسعود، أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن سليمان الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله أنه لم يكن يرى بتزويج المحرم بأسا، ورواه الطحاوي عن محمد بن خزيمة عن حجاج عن جرير بن حازم عن سليمان الأعمش عن إبراهيم: أن ابن مسعود كان لا يرى بأسا أن يتزوج المحرم. وأثر أنس بن مالك أخرجه الطحاوي: حدثنا روح بن الفرج حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك حدثني عبد الله ابن محمد بن أبي بكر، قال: سألت أنس بن مالك عن نكاح المحرم، قال: وما بأس به، هل هو إلا كالبيع؟ وهذا إسناد صحيح. وحديث أبي هريرة مرفوعا رواه الطحاوي: حدثنا سليمان بن شعيب حدثنا خالد بن عبد الرحمن حدثنا كامل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: تزوج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو محرم، وكذلك أخرج الطحاوي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها،: حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا معلى بن أسد نا أبو عوانة عن مغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه وهو محرم. وأخرجه البيهقي أيضا من حديث علي بن عبد العزيز: حدثنا معلى بن أسد إلى آخره نحوه. فإن قلت: قال البيهقي: ويروي من مسدد عن أبي عوانة عن مغيرة، فقال: عن إبراهيم، بدل: أبي الضحى؟ قال أبو علي النيسابوري: كلاهما خطأ، والمحفوظ عن مغيرة عن سباك عن أبي الضحى عن مسروق مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذا رواه جرير عن مغيرة قلت: لا نسلم أنه خطأ، بل هو محفوظ أخرجه ابن حبان في صحيحه أنا الحسن بن سفيان حدثنا إبراهيم بن الحجاج حدثنا أبو عوانة عن المغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه وهو محرم، واحتجم وهو محرم، وأما معاذ فذكره ابن حزم معهم. وقال الطحاوي: والذين رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم أهل علم، وثبت أصحاب ابن عباس سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وعكرمة
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»