عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ٣٣
سعيد الخدري راوي الحديث، والرجل القارئ قتاذة بن النعمان. قوله: (يرددها) أي: يكررها. قوله: (يتقالها) بتشديد اللام، أي: يعد أنها قليلة، في رواية ابن الطباع. كأنه يقللها، وفي رواية يحيى القطان عن مالك: فكأنه يستقلها والمراد استقلال قراءته لا التنقيص. قوله: (إنها) أي: إن قراءة * (قل هو الله أحد) * (الإخلاص: 1) لتعدل ثلث القرآن.
واختلف في معناه. فقال المازري: القرآن ثلاثة أنحاء: قصص وأحكام وصفات الله، عز وجل، وهذه السورة متمحضة للصفات، وهي ثلث وجزء من الثلاثة، وقيل: ثوابها يضاعف بقدر ثواب ثلث القرآن بغير تضعيف، وقيل: القرآن لا يتجاوز ثلاثة أقسام: الإرشاد إلى معرفة ذات الله تعالى، ومعرفة أسماء وصفاته ومعرفة أفعاله وسننه، ولما اشتملت هذه السورة بن علي التقديس وازنها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، بثلث القرآن. وقيل: إن من عمل بما تضمنته من الإقرار بالتوحيد والإذعان بالخالق كمن قرأ ثلث القرآن، وقيل: قال ذلك لشخص بعينه قصده رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وقال أبو عمر: نقول بما ثبت عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا نعده ونكل ما جهلناه من معناه فنره إليه، صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا ندري لم تعدل هذه ثلث القرآن. وقال ابن راهويه: ليس معناه أن لو قرأ القرآن كله كانت قراءة * (قل هو الله أحد) * (الإخلاص: 1) تعدل ذلك إذاقرأها ثلاث مرات، لا، ولو قرأها أكثر من مائتي مرة. وقال أبو الحسن القابسي: لعل الرجل الذي بات يرددها كانت منتهى حفظه فجاء يقلل عمله، فقال له سيدنا رسوله الله صلى الله عليه وسلم: إنها التعدل ثلث القرآن ترغيبا في عمل الخير، وإن قل: ولله عز وجل أن يجازي عبده بن علي اليسير بأفضل مما يجازي لكثير. وقال الأصيلي: معناه يعدل ثوابها ثلث القرآن ليس فيه * (قل هو الله أحد) * (الإخلاص: 1) وأما تفضيل كلام ربنا بعضه بن علي بعض فلا، لأنه كله صفة له، وهذا ما ماش بن علي أحد المذهبين أنه لا تفضيل فيه، ونقله المهلب عن الأشعري وأبي بكر بن أبي الطيب وجماعة علماء السنة. فإن قلت: في مسند ابن ووهب عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، رضي الله تعالى عنه، أنه قال: بات قتادة بن النعمان يقرأ * (قل هو الله أحد) * (الإخلاص: 1) حتى أصبح، فذكرها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والذي نفسي بيده أنها لتعدت ثلث القرآن أو نصفه. قلت: قال أبو عمر: هذا شك من الرواي لا يجوز أن يكون شكا من النبي صلى الله عليه وسلم بن علي أنها لفظة غير محفوظة في هذا الحديث، ولا في غيره والصحيح الثابت في هذا الحديث وغيره أنها لتعدل ثلث القرآن من غير شك، وقد روي ثلث القرآن جماعة من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم، أبي بن كعب وعمر، ذكرهما أبو عمر وأبو أيوب وأبو مسعود الأنصاري وسماك عن النعمان بن بشير وأبان عن أنس.
4105 وزاد أبو معمر: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن مالك بن أنس عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أخي قتادة بن النعمان أن رجلا قام في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ من السحر: قل هو الله أحد) * (الإخلاص: 1) لا يزيد عليها، فلما أصبحنا أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أبو معمر هذا هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري، قاله الدمياطي. وقال ابن عساكر والمزي: هو إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن أبو معمر الهذلي الهروي، سكن بغداد وجزم به صاحب التلويح، وقال صاحب التوضيح: كذا وقع لشيخنا، يعني: إسماعيل بن إبراهيم واستصوب بعضهم ما قاله ابن عساكر والمزي، وقال: وإن كان كل منهما يكنى أبا معمر هما من شيوخ البخاري لأن هذا الحديث يعرف الهذلي بل لا يعرف للمنقري عن إسماعيل بن جعفر شيئا. قلت: كلا القولين محتمل وترجيح أحدهما بعدم علمه للمنقري عن إسماعيل رواية لا يستلزم نفي علم غيره بذلك.
وأما هذا التعليق فقد وصله النسائي والإسماعيلي من طرق عن أبي عمر عن إسماعيل إلى آخره.
قوله: (نحوه) أي: نحو سياق الحديث المذكور. قوله: (يقرأ من السحر) أي: في السحر، أو كلمة: من، بيانية.
5105 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا إبراهيم والضحاك المشرقي عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»