عمدة القاري - العيني - ج ٢٠ - الصفحة ١٦٩
صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع.
مطابقته للترجمة في الإحسان في معاشرة الأهل بن علي مالا يخفي من الحديث.
وسليمان بن عبد الرحمن المعروف بابن بنت شرحبيل الدمشقي، ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة وتوفي سنة ثلاثين ومائتين، وعلي بن حجر، بضم الحاء المهملة وسكون الجيم وبالراء: السعدي، وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، ووقع كذا منسوبا عند الإسماعيلي، وعبد الله بن عروة بن الزبير بن العوام يروي عن أبيه عروة، ويروي عنه أخوه هشام بن عروة.
والحديث أخرجه النسائي من حديث عباد بن منصور عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والمحفوظ حديث هشام عن أخيه، وكذا رواه مسلم في الفضائل عن علي بن حجر وعن أحمد بن جناب، بفتح الجيم والنون: كلاهما عن عيسى بن يونس عن هشام: أخبرني أخي عبد الله بن عروة. وأخره الترمذي في الشمائل، والنسائي أيضا في عشرة النساء جميعا عن علي بن حجر، وهذا من نوادر ما وقع لهشام بن عروة في حديث أبيه حيث أدخل بينهما أخا له واسطة. وقال أبو الفضل عياض بن موسى: اختلف في سند هذا الحديث ورفعه مع أنه لا اختلاف في صحته وأن الأئمة قبلوه ولا مخرج له فيما انتهى إلي إلا من رواية عروة عن عائشة، فروي من غير طريق: عن عروة عن عائشة من قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كله، هكذا رواه عباد بن منصور والدراوردي وعبد الله بن مصعب الزبيري ويونس بن أبي إسحاق كلهم عن هشام عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا رفعه جماعة آخرون، وقال عياض: لا خلاف في رفع قوله. في هذا الحديث: (كنت ل كأني زرع لأم زرع) وإنما الخلاف في بقيته. وقال الخطيب: المرفوع من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (كنت لم كأبي زرع لأم زرع) وما عداه، فمن كلام عائشة.
قوله: (حدثنا سليمان) في رواية أبي ذر: حدثني سليمان. قوله: (جلس إحدى عشرة امرأة)، قال ابن التين: التقدير: جلس جماعة إحدى عشرة، ومثل هذا * (وقال نسوة في المدينة) * (يوسف: 03) وقال الزمخشري: النسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنيثه غير حقيقي كتأنيث اللمة، ولذلك لم يلحقفعله تاء التأنيث. انتهى قلت: كذلك هنا (إحدى عشرة امرأة) نسوة، فلذلك ذكر الفعل، وفي رواية أبي عوانة: جلست، وفي رواية أبي عبيد: اجتمعت، وفي رواية أبي يعلى: اجتمعن، بن علي لغة أكلوني البراغيث. قال عياض: إن في بعض الروايات إحدى عشرة نسوة، قال: فإن كان بالنصب احتاج إلى إضمار، أعني: أو بالرفع فهو بدل من إحدى عشرة، ومنه قوله عز وجل: * (وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا) * (الأعراف: 061) وقال الفارسي: هي بدل من قطعناهم وليس بتمييز، وكان اجتماعهن وجلوسهن بقرية من قرى اليمن، كذا وقع رواية الزبير بن بكار، ووقع في رواية الهيثم: أنهن كن بمكة. وقال عياض: إنهن كن من خثعم، ووقع في رواية ابن أبي أويس عن أبيه: أنهن كن في الجاهلية، وكذا عند النسائي في رواية. قوله: (فتعاهدن وتعاقدن)، أي: ألزمن أنفسهن عهدا وعقدن بن علي الصدق من ضمائرهن عقدا. قوله: (أن لا يكتمن) أي: بأن لا يكتمن، ووقع في رواية أبي أويس: (أن يتصادقن بينهن ولا يكتمن)، وفي رواية سعيد بن سلمة عند الطبراني: (أن ينعتن أزواجهن ويصدقن)، وفي رواية الزبير: (فتبايعن بن علي ذلك).
قوله: (قالت الأولى)، أي: المرأة الأولى، ولم أقف بن علي اسمها. قوله: (غث)، بفتح الغين المعجمة وتشديد الثاء المثلثة وهو: الهزيل الذي يستغيث من هزاله، مأخوذ من قولهم: غث الجرح غثا وغثيثا إذا سأل منه القيح، واستغثه صاحبه، ومنه: أغث الحديث، ومنه: غث فلان في حلقه، وكذا استعماله في مقابلة السمين، فيقال للحديث المختلط فيه: الغث والسمين، والغث الفاسد من الطعام. قوله: (بن علي رأس جبل) قال أبو عبيدة: تصف قلة خيره وبعده مع القلة كالشئ في قبة الحبل الصعب لا ينال إلا بالمشقة، وفي رواية الترمذي: (بن علي رأس جبل وعر)، وفي رواية الزبير بن بكار: وغث. وهي أوفق للسجع. قوله: (وعر)، أي: كثير الصخر شديد الغلطة يعصب الرقي إليه، والوعث، بالثاء المثلثة: الصعب المرتقي بحيث توحل فيه الأقدام فلا يتخلص ويشق فيه المشيء، ومنه: وعثاء السفر. قوله: (لا سهل فيرتقي)، يجوز فيه أوجه ثلاثة: الأول: بالفتح بلا تنوين، الثاني: الرفع بن علي أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: لا هو سهل. الثالث: الجر بن علي أنه صفة جبل، وكذلك الأوجه الثلاثة في قوله: (ولا سمين) ووقع في رواية عند النسائي بالنصب منونا، فيهما: (لا سهلا ولا سمينا)، وفي أخرى عنده: (لا بالسهل ولا بالسمين)، وقال عياض: أحسن الوجوه الرفع فيهما. قوله: (فيرتقي)، بن علي صيغة المجهول، أي: فإن يرتقى أي يصعد. قوله: (فينتقل)، بالفتح أي: فإن ينتقل، والانتقال ههنا بمعنى النقل أي: لا يأتي إليه أحدا لصعوبة المسلك، ولا يؤتى به إلى
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»