قيل لا وجه لذكر هذا الحديث في باب الصفرة للمتزوج. وأجيب بثبوت لفظ: باب، في أكثر الروايات، ورد بأن لفظ: باب، كما ذكرنا كالفصل لما قبله، وهو داخل فيه.
وقال بعضهم: مناسبته للترجمة من جهة أنه لم يقع في قصة تزويج زينب بنت جحش ذكر للصفرة، فكأنه يقول: الصفرة للمتزوج من الجائز لا من الشروط لكل متزوج. انتهى قلت: هذا كلام واه جدا لأن الترجمة في الصفرة للمتزوج، والحديث ليس فيه ذكر الصفرة مطلقا، فكيف تقع المطابقة؟ والأوجه أن يقال: إن المطابقة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم أمر بالوليمة في الحديث السابق، وفي هذا الحديث: أولم هو وبين أمره بشيء وفعله إياه اتحاد فلا مطابقة أتم من هذا، وقد ذكرنا أن ذكر: باب، مجرد كالفصل، وأنه داخل فيه بن علي أن لفظ: باب، ساقط في عامة الروايات.
ويحيى هو القطان. والحديث قد مضى بأتم منه في تفسير سورة الأحزاب، وتقدم الكلام فيه.
قوله: (خبزا) بالباء الموحدة والزاي، وفي الرواية الماضية في سورة الأحزاب: فاشبع الناس خبزا ولحما. قوله: (كما يصنع) أي: خرج كما هو عادته إذا تزوج بجديدة يأتي الحجرات ويدعو لهن. قوله: (ويدعون) أي: أمهات المؤمنين، وهذه اللفظة مشتركة بين جمع المذكر وجمع المؤنث، والفرق يحصل بالتقدير، فوزن الجمع المذكر: يفعون، ووزن الجمع المؤنث: يفعلن. قوله: (له) أي: للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يسلم عليهن واحدة واحدة وهن يرددن عليه، عليه السلام، ويدعون بالبركة والخير. قوله: (ثم انصرف) أي: من حجرات أمهات المؤمنين. قوله: (فرأى رجلين) يعني: من الناس الذين حضروا الوليمة. وكانوا قد خرجوا من بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغوا من الأكل، وكان هذان الرجلان تأخرا في البيت يتحدثان، وذلك قبل نزول الحجاب، ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من بيوت أمهات المؤمنين رآهما في البيت فرجع، وقال أنس: لما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم وثبا مسرعين، فما أدري أنا أخبرته بخروجهما من البيت، أو أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهما فرجع حتى دخل البيت وأرخى الستربيني وبينه؟ فأنزلت آية الحجاب. وروايات أنس التي تقدمت في سورة الأحزاب تفسر هذا الحديث الذي روي عنه ههنا، وذلك أن الأحاديث التي تروي في قضية واحدة يفسر بعضها بعضا.
65 ((باب كيف يدعى للمتزوج)) أي: هذا باب في بيان كيفية الدعاء للذي يتزوج؟ قال ابن بطال: أراد بهذا الباب رد قول العامة عند العرس بقولهم: بالرفاء والبنين فإن قلت: روي الطبراني في الكبير من حديث معاذ بن جبل، رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد أملاك رجل من الأنصار فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكح الأنصاري، وقال: بن علي الألفة والخير والبركة والطائر الميمون والسعة في الرزق وأخرجه أبو عمر النوقاني في كتاب (معاشرة الأهلين) من حديث أنس، وزاد فيه: والرفاء والبنين؟ قلت: الذي أخرجه الطبراني في الكبير ضعيف، وأخرجه أيضا في الأوسط بسند أضعف منه، وفي حديث النوقاني أبان العبدي وهو ضعيف، وأخرج الترمذي: حدثنا قتيبة أنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج، قال: (بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير). وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داود أيضا عن قتيبة والنسائي في الكبير واليوم والليلة عن عبد الرحمن بن عبيد، وابن ماجة عن سويد بن سعيد. قوله: (إذا رفأ)، قال شيخنا: هو بفتح الراء وتشديد الفاء مهموز، وهو المشهور في الرواية مأخوذ من الالتئام والاجتماع، ومنه رفو الثوب، وقال الجوهري: الرفاء بالمد الالتئام والاتفاق، يقال للمتزوج: بالرفاء والبنين، ورواه بعضهم: رفى، مقصورا بغير همزة، ورواه بعضهم: رفح، بالحاء المهملة موضع الهمزة، ومعنى الأول أعني المقصور القول بالرفاء والاتفاق، ومعنى الثاني بن علي أنه رفاء بالهمزة ولكنه أبدل الهمزة حاء، وأخرج النسائي من رواية أشعث عن الحسن عن عقيل بن أبي طالب أنه تزوج امكرأة من بني حبشم فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لهم وبارك عليهم، وهو مرسل.
5515 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد هو ابن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمان بن عوف أثر صفرة، قال: ما هاذا؟ قال: إني تزوجت