يطلقها من النفقة والمعروف والمعاشرة، وقال بعضهم: المراد بالصحفة ما كان يحصل من الزوج قلت: هذا غلط فاحش، وقال ابن الأثير، في هذا الحديث: الصحفة إناء كالقصعة المبسوطة ونحوها وجمعها صحاف، ويقال: الصحفة القصعة التي تشبع الخمسة، قال: وهذا مثل تريد الاستئثار عليها بحظها، فيكون كمن استفرغ صحفة غيره وقلب ما في إنائه إلى إناء نفسه، وقال الطيبي: هذه استعارة مستملحة تمثيلية، شبه النصيب والبخت بالصحفة وحظوظها وتمتعاتها بما يوضع في الصحفة من الأطعمة اللذيذة، وشبه الافتراق المسبب عن الطلاق باستفراغ الصحفة عن تلك الأطعمة، ثم أدخل المشبه في جنس المشبه به، واستعمل في المشبه ما كان مستعملا في المشبه به من الألفاظ. قوله: (فإنما لها) أي: للمرأة التي تسأل طلاق أختها ما قدر لها في الأزل، وإن سألت ذلك وألحت فيه واشترطته فإنه لا يقع من ذلك إلاما قدره الله تعالى. وقال الطحاوي: أجاز مالك والكوفيون والشافعي أن يتزوج المرأة بن علي أن يطلق زوجته، فإن تزوجها بن علي ألف أن يطلق زوجته فعند الكوفيين: النكاح جائز ولكنه إن وفى بما قال فلا شيء عليه غير الألف، وإن لم يوف أكمل لها مثل مهرها. وقال ربيعة ومالك والثوري: لها ما سمي لها وفى أو لم يوف. وقال الشافعي: لها مهر المثل وفى أو لم يوف فإن قلت: ظاهر الحديث التحريم فإذا وقع فهو غير لازم؟.
قلت: النهي فيه للتغليظ عليها أن لا تسأل طلاق أختها، وليس التحريم في حقها يوجب أن الطلاق إذا وقع أن يكون غير لازم. والله أعلم.
45 ((باب الصفرة للمتزوج)) أي: هذا باب في بيان جواز الصفرة للمتزوج، وهي أن يتخلق بشيء من الزعفران ونحوه.
ورواه عبد الرحمان بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: روي حديث الصفرة عبد الرحمن بن عوف، وأشار به إلى الحديث الذي مضر موصولا مطولا في أول كتاب البيوع، وفيه: جاء عبد الرحمن وعليه أثر صفرة، وقال الكرماني فإن قلت: ما فائدة هذا القول وقد روي الحديث مسندا عن عبد الرحمن بما يدل عليه؟ قلت: الحديث من مرويات أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم، فبينهما تفاوت.
3515 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك، رضي الله عنه: أن عبد الرحمان بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، قال: كم سقت إليها؟ قال: زنة نواة من ذهب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (وبه أثر صفرة) والحديث أخرجه النسائي في النكاح عن محمد بن سلمة. قوله: (وبه أثر صفرة) الواو فيه للحال، وفي لفظ: رأى عبد الرحمن بن عوف وبه ردع زعفران، أي: ملطخ منه، وثوب رديع أي مصبوغ بالزعفران، وفي رواية: وضر صفرة، أي: لطخ من طيب، وفي رواية: فرأى عليه بشاشة العروس، ورواية: ردع من زعفران، تدل بن علي أنه مما التصق بجسمه من الثياب المزعفرة التي يلبسها العروس، وقيل: إن من كان ينكح في الإسلام يلبس ثوبا مصبوغا بصفرة علامة العروس والسرور، ألا ترى إلى قوله: وعلي بشاشة العروس، وقيل: إنما كان يلبسها ليعينه الناس بن علي وليمته ومؤونته. وقال ابن عباس: أحسن الألوان كلها الصفرة لقوله تعالى: * (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) * (البقرة: 96) فقرن السرور بالصفر، فكان صلى الله عليه وسلم يحب الصفرة. ألا ترى إلى قول ابن عباس، حين سئل عن صبغه بها، فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة؟ فأنا أصبغ بها وأحبها. ونقل ابن عبد البر عن الزهري: أن الصحابة كانوا يتخلقون ولا يرون به بأسا، وقال ابن سفيان: هذا جائز عند أصحابنا في الثياب دون لجسد، وكره أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما أن يصبغ الرجل ثيابه أو لحيته بالزعفران لحديث أنس: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل. قوله: (تزوج امرأة من الأنصار) ذكر الزبيز أنها ابنة أبي الحسن واسمه أنس بن رافع. قوله: (كم سقت إليها؟) أي: كم أعطيت صداقها؟ قوله: (زنة نواة)، أي: وزن نواة، والزنة أصله: وزن،