عمدة القاري - العيني - ج ١٩ - الصفحة ٢٨٩
أي: حان. قال الجوهري: أني الحميم أي: انتهى حره، ومنه قوله تعالى: * (حميم آن) * (الرحمن: 44) قوله: وحان أدرك شربها، ورواه عبد بن حميد عن شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقال الحسن البصري: ما ظنك بقوم قاموا لله عز وجل على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا فيها شربة، حتى إذا انقطعت أعناقهم عطشا فاحترقت أجوافهم جوعا انصرف بهم إلى النار فسقوا من عين آنية قد أتى حرها واشتد نضجها، وعن قتادة أي: طبخها منذ خلق الله السماوات والأرض، وقال مقاتل: عين آنية تخرج من أصل جبل طولها مسيرة سبعين عاما أسود كدردي الزيت كدر غليظ كثير الدعاميص يسقيه إياه الملك في إناء من حديد من نار إذا جعله على فيه أحرق شدقيه وتناثرت أنيابه وأضراسه، فإذا بلغ صدره نضج قلبه، فإذا بلغ بطنه ذاب كما يذوب الرصاص. قلت: الدعاميص جمع دعموص، وهي دويبة تكون في مستنقع الماء، وهو بالدال والعين المهملتين.
* (لا تسمع فيها لاغية) * (الغاشية: 11) شتما أي: لا تسمعه في الجنة لاغية، وفسره بقوله: (شتما) وقيل: كلمة لغو، واللاغية مصدر كالعافية، والمعنى: لا تسمع فيها كذبا وبهتانا وكفرا. وقيل: باطلا. وقيل: معصية. وقيل: حالفا بيمين برة ولا فاجرة، وقيل: لا تسمع في كلامهم كلمة تلغى لأن أهل الجنة لا يتكلمون إلا بالحكمة، وقرأ أبو عمرو: تسمع، بضم التاء المثناة من فوق، ولاغية بالرفع، ونافع كذلك إلا أنه قرأ بالياء آخر الحروف والباقون بفتح التاء ولاغية بالنصب.
ويقال: الضريع نبت يقال له الشبرق يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم.
القائل هو الفراء. قال في قوله تعالى: * (ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع) * (الغاشية: 6، 7) قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية. قال المشركون: إن إبلنا لتسمن على الضريع فأنزل الله تعالى: * (لا يسمن ولا يغنى من جوع) * (الغاشية: 7) وكذبوا فإن الإبل إنما ترعاه إذا كان رطبا. فإذا يبس فلا تأكله، ورطبه يسمى شبرقا بالكسر لا ضريعا فإن قلت: كيف قيل: * (ليس لهم طعام إلا من ضريع) * (الغاشية: 6) وفي الحاقة: * (ولا طعام إلا من غسلين) * (الحاقة: 63) قلت: العذاب ألوان والمعذبون طبقات فمنهم: أكلة الزقوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم: أكلة الضريع. وأخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الضريع شجر من نار، وقال الخليل هو نبت أخضر منتن الريح يرمى به في البحر.
بمسيطر: بمسلط ويقرأ بالصاد والسين أشار به إلى قوله تعالى: * (لست عليهم بمسيطر) * (الغاشية: 22) وفسر: المسيطر بالمسلط. قوله: (ويقرأ بالصاد والسين)، قرأ عاصم: بمسيطر بالسين، وحمزة بخلاف عن خلاد بين الصاد والزاي، والباقون بالصاد الخالصة بمصيطر.
إيابهم مرجعهم أشار به إلى قوله تعالى: * (إن إلينا إيابهم) * (الغاشية: 52) أي: مرجعهم، ورواه ابن المنذر من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.
98 ((سورة: * (والفجر) *)) أي: هذا في تفسير بعض سورة الفجر وهي مكية. وقيل: مدنية حكاه ابن النقيب عن ابن أبي طلحة، وهي خمسمائة وسبعة وسبعون حرفا، ومائة وتسع وثلاثون كلمة وثلاثون آية. الفجر قال ابن عباس: يعني النهار كله، وعنه: صلاة الفجر، وعنه فجر المحرم، وعن قتادة: أول يوم من المحرم وفيه تنفجر السنة، وعن الضحاك فجر ذي الحجة، وعن مقاتل: غداة جمع كل سنة، وعن القرطبي: انفجار الصبح من كل يوم إلى انقضاء الدنيا. وقال الثعلبي: الفجر الصخور والعيون تنفجر بالمياه، والله أعلم.
وقال مجاهد: الوتر الله أي: قال مجاهد في قوله تعالى: * (والشفع والوتر) * (الفجر: 3) الوتر: هو الله عز وجل، رواه أبو محمد عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد بلفظ: الشفع الزوج، والوتر هو الله عز وجل، وعند عبد بن حميد عن ابن عباس: الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة، وعن قتادة: من الصلاة شفع ومنها وتر، وقال الحسن: من العدد شفع ومنه وتر، ويروى: الشفع آدم وحواء
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»