عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٧٥
الله، أضافها إلى الله تشريفا لها وتعظيما لأمرها. وقرأ بعضهم: ولا نكتم بشهادة الله، مجرورا على القسم، رواها ابن جرير عن الشعبي. قوله: * (إنا إذا لمن الآثمين) * أي: إن فعلنا شيئا من ذلك من تحريف الشهادة أو تبديلها أو تغييرها أو كتمها بالكلية قوله: * (فإن عثر) * أي: فإن اطلع، وظهر، واشتهر وتحقق من الشاهدين الوصيين أنهما خانا أو غلا شيئا من المال الموصى به إليهما، أو ظهر عليهما بذلك * (فآخران يقومان مقامهما) * أي: فشاهدان آخران من الذين استحق عليهم الإثم، ومعناه: من الذين جنى عليهم، وهم أهل الميت وعشيرته. قوله: (الأوليان) الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما وارتفاعهما على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هما الأوليان، كأنه قيل: ومن هما؟ فقيل: هما الأوليان. وقيل: هو بدل من الضمير في: يقومان، أو من: آخران. قال الزمخشري: ويجوز أن يرتفعا: باستحق، أو: من الذين استحق عليهم انتداب الأوليين منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة المال. وقرئ الأولين، على أنه وصف للذين استحق عليهم مجرورا ومنصوب على المدح، ومعنى الأولية: التقدم على الأجانب في الشهادة لكونهم أحق بها، وقرئ: الأوليين، بالتثنية، وانتصابه على المدح، وقرأ الحسن: الأولان، ويحتج به من يرى رد اليمين على المدعي، وأبو حنيفة وأصحابه لا يرون بذلك، فوجهه عندهم: أن الورثة قد ادعوا على النصرانيين أنهما خانا فحلفا، فلما ظهر كذبهما ادعيا الشراء فيما كتما، فأنكر الورثة، وكانت اليمين على الورثة لإنكارهم الشراء. قوله: * (وما اعتدينا) * أي: فينل قلنا فيهما من الخيانة. * (إنا إذا لمن الظالمين) * أي: إن كنا قد كذبنا عليهما، فنحن حينئذ من الظالمين. قوله: * (ذلك) * أي: الذي تقدم من بيان الحكم * (أدنى) * أي: أقرب أن يأتي الشهداء على نحو تلك الحادثة * (بالشهادة على وجهها أو يخافوا إن ترد إيمان) * أي: تكرر إيمان بشهود آخرين بعد إيمانهم، فيفتضحوا بظهور كذبهم، واتقوا الله أن تحلفوا كاذبين أو تخونوا أمانة، وسامعوا الموعظة. قوله: * (والله لا يهدي القوم الفاسقين) * وعيد لهم بحرمان الهداية.
0872 وقال لي علي بن عبد الله حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا من ذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وجد الجام بمكة فقالوا ابتعناه من تميم وعدي فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وإن الجام لصاحبهم قال وفيهم نزلت هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم) * (المائدة: 601).
مطابقته للآيات المذكورة ظاهرة، لأنه يبين أنها نزلت فيمن ذكروا فيه.
ذكر رجاله وهم سبعة: الأول: علي بن عبد الله المعروف بابن المديني. الثاني: يحيى بن آدم بن سليمان المخزومي. الثالث: يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، واسمه: ميمون أبو سعيد الهمداني القاضي. الرابع: محمد بن أبي القاسم الذي يقال له الطويل، ولا يعرف اسم أبيه. الخامس: عبد الملك بن سعيد بن جبير. السادس: أبوه سعيد بن جبير. السابع: عبد الله بن عباس.
ذكر لطائف إسناده فيه: القول في أول الإسناد وفي آخره، أنه ذكر الحديث عن ابن المديني، كذا بغير سماع، فأما أن يكون أخذه مذاكرة أو عرضا، أو يكون محمد بن أبي القاسم ليس بمرضي عنده، وكأنه أشبه لأن محمد بن بحر ذكر عنه أنه قال ابن أبي القاسم: لا أعرفه كما أشتهي، قيل له: فرواه غيره؟ قال: لا، قال: وكان ابن المديني يستحسن هذا الحديث، حديث محمد بن أبي القاسم؟ قال: وقد رواه عنه أبو أسامة إلا أنه غير مشهور. وقيل: عادته أنه إذا كان في إسناد الحديث نظر أو كان موقوفا يعبر بقوله: قال لي: وفيه: أن شيخه بصري والبقية كوفيون. وفيه: محمد بن أبي القاسم، وقد أخرج له البخاري هنا مع أنه توقف فيه، ووثقه يحيى وأبو حاتم وليس له في البخاري ولا لشيخه عبد الملك بن سعيد غير هذا الحديث الواحد. وفيه: رواية الابن عن الأب.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه أبو داود في القضايا عن الحسن بن علي. وأخرجه الترمذي في التفسير عن سفيان بن وكيع، كلاهما عن يحيى بن آدم به. وقال الترمذي: حديث غريب.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»