عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٥٦
بالنفقة، وهي مال، فكذا العتق. وفرق غيره بينهما، فقال: إنما أجزناها للأخبار الثابتة، والعتق لا خير فيه، بل في قوله: (الولاء لمن أعتق)، دلالة على منعه، لأن الحي هو المعتق بغير أمر الميت، فله الولاء إذا ثبت له الولاء، فليس للميت منه شيء، وهذا ليس بصحيح، لأنه قد روي في حديث سعد بن عبادة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن أمي هلكت فهل ينفعها أن أعتق عنها؟ قال: نعم). فدل على أن العتق ينفع الميت، ويشهد لذلك فعل عائشة الذي سبق.
1672 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أمي ماتت وعليها نذر فقال اقضه عنها.
مطابقته للجزء الثاني للترجمة ظاهرة، وعبيد الله بن عبد الله العمري. قوله: (عن ابن عباس ان سعد بن عبادة)، كذا هو في رواية مالك، وتابعه الليث وبكر بن وائل وغيرهما عن الزهري، وقال سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة: أنه استفتى، فجعله من مسند سعد، أخرجه النسائي قيل: هذا أرجح، لأن ابن عباس لم يدرك القصة. كما ذكرا عن قريب، ويكون ابن عباس قد أخذه عنه. قلت: يحتمل أن يكون أخذه عن غيره، كما هو عادته في أحاديث كثيرة. قوله: (وعليها نذر)، قد اختلفت الآثار في النذر الذي على أم سعد، فقيل: كان العتق، وقد مر الآن، وقيل: كان الصيام. فروى في ذلك عن ابن عباس أن رجلا، قال: يا رسول الله: (إن أمي ماتت وعليها صوم)، وقيل: كان النذر بالصدقة. والله أعلم.
02 ((باب الإشهاد في الوقف والصدقة)) أي: هذا باب في بيان حكم شهادة الإشهاد في الوقف والصدقة.
2672 حدثنا إبراهيم بن موسى قال أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني يعلى أنه سمع عكرمة مولى ابن عباس يقول أنبأنا ابن عباس أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهم أخا بني ساعدة توفيت أمه وهو غائب فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها إن تصدقت به عنها قال نعم قال فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها.
(انظر الحديث 6572 وطرفه).
مطابقته للترجمة التي هي قوله: والصدقة ظاهرة (صورة)، وكذلك يطابق قوله في الوقف معنى، لأن الصدقة عليها تكون بطريق الوقف، وقد تكلم الشراح فيه بالتعسف ما لا يفيد.
والحديث مضى قبله بثلاثة أبواب، ومضى الكلام فيه.
قوله: (أخابني ساعدة) أي: واحدا منهم، والغرض أنه أيضا أنصاري ساعدي.
وفيه: مطلوبية الإشهاد، وإذا أمر بالإشهاد في البيع وهو خروج ملك من ملك بعوض، فالوقف أولى بذلك، لأن الخروج عنه بغير عوض. وقال ابن بطال الإشهاد واجب في الوقف، ولا يتم إلا به، وقال المهلب: إذا لم يبين الحدود في الوقف، إنما يجوز إذا كانت الأرض معلومة يقع عليها، ويتعين به كما كان بيرحاء وكالمخراف معينا عند من أشهده، وعلى هذا الوجه تصح الترجمة، وأما إذا لم يكن الوقف معينا، وكانت له مخاريف وأموال كثيرة فلا يجوز الوقف إلا بالتحديد والتعيين، ولا خلاف في هذا.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»