عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ٢٦٨
9103 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب وأبي سلمة أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله.
(الحديث 9103 طرفه في: 9133).
وجه مناسبته بما قبله من حيث إنه لا يجوز المجاوزة بالتحريق إلى من لا يستحق ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر فيه أن الله، عز وجل، عاتب هذا النبي صلى الله عليه وسلم بإحراقه تلك الأمة من النمل، ولم يكتف بإحراق النملة التي قرصته، فلو أحرقها وحدها لما عوتب عليه.
ورجاله قد ذكروا غير مرة. والحديث أخرجه مسلم في الحيوان عن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى. وأخرجه أبو داود في الأدب عن أحمد بن صالح. وأخرجه النسائي في الصيد عن وهب بن بيان. وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي الطاهر وأحمد بن عيسى وعن محمد بن يحيى.
قوله: (قرصت) بالقاف أي: لدغت. قوله: (نبيا) قال الكرماني: قيل: ذلك النبي كان موسى، عليه الصلاة والسلام. قوله: (بقرية النمل)، القرية: المجتمع. قوله: (أن قرصتك؟) بفتح الهمزة وبهمزة الاستفهام ملفوظة أو مقدرة، وقال الكرماني: كيف جاز إحراق النمل قصاصا وهو ليس بمكلف، ثم إن جزاء سيئة سيئة مثلها، ثم إن القارص نملة واحدة، ولا تزر وازرة وزر أخرى. قلت: لعله كان في شرعه جائزا، ويقال: المؤذي طبعا يقتل شرعا قياسا على الأفعى. فإن قلت: لو كان جائزا لما ذم عليه. قلت: يحتمل أن يذل على ترك الأولى وحسنات الأبرار سيئات المقربين. انتهى. قلت: قوله: لعله كان في شرعه جائزا، فيه نظر، لأنه حكم بالتخمين، والأولى أن يقال: لعله لم يكن يعلم حينئذ أنه لا يجوز، وقوله: المؤذي طبعا، ليس النمل بمؤذ طبعا، لأن قرصها يحتمل أنه كان على سبيل الاتفاق. وقوله: يحتمل أن يذم على ترك الأولي، لا يقال في حق نبي أن الله ذمه على فعل بل يقال: عاتبه.
وفي الحديث: تسبيح النمل فيدل ذلك على أن جميع الحيوانات تسبح الله تعالى. كما قال في كتابه الكريم: * (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) * (الإسراء: 44). الآية، وقال ابن التين: وهو دليل لمن قال: لا يحرق النمل، وأجازه ابن حبيب، وأما إن أدت ضرورة إلى ذلك فجائز أن تحرق أو تغرق.
451 ((باب حرق الدور والنخيل)) أي: هذا باب في بيان جواز إحراق دور المشركين ونخيلهم، قال بعضهم: كذا وقع في جميع النسخ: حرق الدور، وضبطوه بفتح أوله وإسكان الراء وفيه نظر، لأنه لا يقال في المصدر حرق، وإنما يقال: تحريق وإحراق، لأنه رباعي، فلعله كان بتشديد الراء بلفظ الفعل الماضي، وهو المطابق للفظ الحديث، والفاعل محذوف تقديره: النبي بفعله أو بإذنه، وعلى هذا فقوله: الدور، منصوب بالمفعولية، والنخيل كذلك نسقا عليه. انتهى. قلت: دعواه النظر في الضبط المذكور في جميع النسخ فيها نظر، لأنه لم يبين أن الذين ضبطوه هكذا هم النساخ أو المشايخ أصحاب هذا الفن، فإن كانوا هم النساخ فلا اعتبار لضبطهم، وإن كانوا المشايخ فهو صحيح لأنه يجوز أن يكون لفظ حرق بهذا الضبط إسما للإحراق، فلا يكون مصدرا حتى لا يرد ما ذكره، لأن الحرق بالضبط المذكور مصدر حرقت الشيء حرقا إذا بردته، وحككت بعضه ببعض، وأما الذي يستعمل في النار فلا يقال إلا أحرقته من الإحراق أو حرقته بالتشديد من التحريق. وقوله: لأنه رباعي غير مصطلح عند الصرفيين لأنه لا يقال: رباعي، عندهم إلا لما كان حروفه الأصلية على أربعة أحرف، وإنما يقال لمثل هذا: ثلاثي مزيد فيه. وقوله: فلعله كان... إلى آخره، فيه تعسف وتكلف جدا، لأن فيه إضمارا قبل الذكر، ثم تقدير الفاعل، والفاعل لا يحذف.
0203 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن إسماعيل قال حدثني قيس بن أبي حازم قال قال لي جرير قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم ألا تريحني من ذي الخلصة وكان بيت في خثعم
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»