كانت الكتابة لعمر بن عبيد الله، فأخبر بالواقع فصار وجادة فيها شوب من الاتصال. قوله: (إن الجنة تحت ظلال السيوف) أي: إن ثواب الله والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله، وقال ابن الجوزي: المراد أن دخول الجنة يكون بالجهاد، والظلال جمع: ظل، فإذا دنى الشخص من الشخص صار تحت ظل سيفه، وإذا تدانى الخصمان صار كل واحد منهما تحت ظل سيف الآخر، فالجنة تنال بهذا.
تابعه الأويسي عن ابن أبي الزناد عن موساى بن عقبة يعني: الأويسي عبد العزيز بن عبد الله العامري تابع معاوية بن عمرو الذي رواه عن أبي إسحاق عن موسى بن عقبة، وهذه المتابعة رواها البخاري في خارج (الصحيح) عن الأويسي، ورواه عنه ابن أبي عاصم في كتاب الجهاد. قلت: نسبته إلى أويس، بضم الهمزة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وكسر السين المهملة: نسبة إلى أويس بن سعد، أحد أجداد عبد العزيز المذكور.
32 ((باب من طلب الولد للجهاد)) أي: هذا باب في بيان من نوى عند المجامعة مع أهله حصول الولد ليجاهد في سبيل الله فيحصل له بذلك أجر لأجل نيته وإن لم يحصل له ولد.
9182 وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمان بن هرمز قال سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، كذا أخرجه البخاري معلقا. وأخرجه في ستة مواضع مسندة: منها في الأيمان والنذور: عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج من طريق الليث رواه أبو نعيم من حديث يحيى بن بكير عن الليث، وكذلك أخرجه مسلم من حديثه.
قوله: (لأطوفن الليلة) ووقع في رواية: لأطيفن. وقال المبرد: كلاهما صحيح، قال القرطبي: الدوران حول الشيء، وهو ههنا كناية عن الجماع، واللام فيه للقسم، لأن هذه اللام هي التي تدخل على جواب القسم، وكثيرا ما تحذف معها العرب المقسم به اكتفاء بدلالتها على المقسم به، لكنها لا تدل على مقسم به معين. قوله: (أو تسع وتسعين)، شك من الراوي وفي لفظ: ستين امرأة، وفي رواية (سبعين)، وفي رواية: (مائة)، من غير شك وفي أخرى: (تسعة وتسعين)، من غير شك ولا منافاة بين هذه الروايات لأنه ليس في ذلك القليل نفي الكثير، وهو من مفهوم العدد، ولا يعمل به جمهور أهل الأصول. قوله: (بفارس)، وفي رواية: بغلام. قوله: (يجاهد)، جملة في محل الجر لأنها صفة فارس. قوله: (فقال له صاحبه)، قيل: يريد به وزيره من الإنس والجن. وقيل: الملك، كما ذكره في النكاح، وفي مسلم فقال له صاحبه أو الملك، وهو شك من أحد رواته، وفي رواية له: فقال له صاحبه، بالجزم من غير تردد، وقال القرطبي: فإن كان صاحبه فيعني به وزيره من الإنس أو من الجن، وإن كان الملك فهو الذي كان يأتيه بالوحي، قال: وقد أبعد من قال هو خاطره، وقال النووي: قيل: المراد بصاحبه هو الملك، وهو الظاهر من لفظه وقيل: القرين. وقيل: صاحب له آدمي. قلت: الصواب أنه هو الملك كما ذكره في النكاح كما ذكرناه. قوله: (فلم يقل: إن شاء الله)، فلم يقل سليمان صلى الله عليه وسلم: إن شاء الله بلسانه، لا أنه غفل عن التفويض إلى الله تعالى بقلبه، فإنه لا يليق بمنصب النبوة، وإنما هذا كما اتفق لنبينا صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الروح والخضر وذي القرنين، فوعدهم أن يأتي بالجواب غدا جازما بما عنده من معرفة الله تعالى وصدق وعده في تصديقه وإظهار كلمته، لكنه ذهل عن النطق بها، لا عن التفويض بقلبه