أبي بردة وهو جده، وجده يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري، وهو عبد الله بن قيس، واسم أبي بردة: الحارث، ويقال: عامر، ويقال: اسمه كنيته.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب، ومسلم في آخر الكتاب، كلاهما عن محمد بن الصباح عن إسماعيل بن زكرياء.
قوله: (رجلا يثني على رجل)، يحتمل أن يكونا ما ذكرناه في الحديث الماضي. قوله: (ويطريه) بضم الياء من الإطراء، وهو المبالغة في المدح، ويقال أطراه أي: مدحه، وجاوز الحد فيه، وذكره الجوهري في معتل اللام اليائي. وإنما قال: (أهلكتم)، لئلا يغتر الرجل ويرى أنه عند الناس كذلك بتلك المنزلة ليحصل منه العجب فيجد إليه سبيلا.
81 ((باب بلوغ الصبيان وشهادتهم)) أي: هذا باب في بيان حد بلوغ الصبيان وحكم شهادتهم. والترجمة مشتملة على حكمين. الأول: بلوغ الصبيان، قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن الاحتلام في الرجال والحيض في النساء هو البلوغ الذي يلزم به العبادات والحدود والاستئذان وغيره، واختلفوا فيمن تأخر احتلامه من الرجال أو حيضه من النساء، فقال الليث وأحمد وإسحاق ومالك: الإنبات، أو أن يبلغ من السن ما يعلم أن مثله قد بلغ، وقال ابن القاسم: وذلك سبع عشرة سنة أو ثمان عشرة سنة، وفي النساء هذه الأوصاف أو الجبل، إلا أن مالكا لا يقيم الحد بالإنبات إذا زنى أو سرق ما لم يحتلم أو يبلغ من السن ما يعلم أن مثله لا يبلغه حتى يحتلم، فيكون عليه الحد، وأما أبو حنيفة فلم يعتبر الإنبات، وقال: حد البلوغ في الجارية سبع عشرة، وفي الغلام تسع عشرة، وفي رواية: ثماني عشرة مثل قول ابن القاسم، وهو قول الثوري ومذهب الشافعي: أن الإنبات علامة بلوغ الكافر لا المسلم، واعتبر خمس عشرة سنة في الذكور والإناث، ومذهب أبي يوسف ومحمد كمذهب الشافعي، وبه قال الأوزاعي وابن وهب وابن الماجشون. الحكم الثاني: في شهادة الصبيان، واختلفوا فيها. فعن النخعي: تجوز شهادتهم بعضهم على بعض، وعن علي بن أبي طالب وشريح والحسن والشعبي، مثله، وعن شريح: أنه كان يجيز شهادة الصبيان في السن والموضحة، ويأباه فيما سوى ذلك. وفي رواية: أنه أجاز شهادة غلمان في أمة وقضى فيها بأربعة آلاف، وكان عروة يجيز شهادتهم، وقال عبد الله بن الزبير، رضي الله تعالى عنهما: هم أحرى إذا سئلوا عم رؤا أن يشهدوا. وقال مكحول: إذا بلغ خمس عشرة سنة فأجز شهادته. وقال القاسم وسالم: إذا أنبت، وقال عطاء: حتى يكبروا، وقال ابن المنذر: وقالت طائفة: لا تجوز شهادتهم، روي هذا عن ابن عباس والقاسم وسالم وعطاء والشعبي والحسن وابن أبي ليلى والثوري والكوفيين والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد، وقالت طائفة: تجوز شهادتهم بعضهم على بعض في الجراح والدم، روي ذلك عن علي وابن الزبير وشريح والنخعي وعروة والزهري وربيعة ومالك إذا لم يتفرقوا.
وقول الله تعالى * (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا) * (النور: 95).
وقول الله، بالجر عطفا على: بلوغ الصبيان، أي: وفي بيان قوله تعالى، وتمامه: * (كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم) * (النور: 95). وإنما ذكر هذا لأن فيه تعليق الحكم ببلوغ الحلم، لأن الترجمة في بلوغ الصبيان والأطفال: جمع طفل، وهو الصبي، ويقع على الذكر والأنثى والجماعة، ويقال: طفلة وأطفال قاله ابن الأثير، وقال الجوهري: الطفل المولود، والجمع: أطفال، وقد يكون الطفل واحدا وجمعا، مثل: الجنب، قال الله تعالى: * (أو الطفل الذين لم يظهروا) * (النور: 13). وذكر في كتاب (خلق الإنسان) لثابت: ما دام الولد في بطن أمه فهو جنين، وإذا ولدته يسمى صبيا ما دام رضيعا، فإذا فطم سمي غلاما إلى سبع سنين، ثم يصير يافعا إلى عشر حجج، ثم يصير حزورا إلى خمس عشرة سنة، ثم يصير قمدا إلى خمس وعشرين سنة، ثم يصير عنطنطا إلى ثلاثين سنة، ثم يصير صملا إلى أربعين سنة، ثم يصير كهلا إلى خمسين سنة، ثم يصير شيخا إلى ثمانين سنة، ثم يصير هرما بعد ذلك فانيا كبيرا. انتهى. قلت: فعلى هذا: لا يقال الصبي إلا للرضيع ما دام رضيعا. وعلى قول ابن الأثير: الصبي والطفل واحد. قوله تعالى: * (وإذا بلغ الأطفال منكم) * (النور: 95). أي: الصبيان. قال النسفي: منكم، أي: من الأحرار دون المماليك. قوله: * (الحلم) * أي: البلوغ، ومنه: الحالم، وهو الذي يبلغ مبلغ الرجال، وهو من: حلم، بفتح اللام، والحلم بالكسر: الأناءة، وهو من: حلم، بضم اللام. قوله: * (فليستأذنوا) * أي: في جميع الأوقات في الدخول عليكم.