فيكون الحديث متصلا وعلى الثاني يعود على زهير فيكون منقطعا قال بعضهم قوله قال ابن جريج إلى آخره هو بالإسناد المذكور إليه وقال صاحب التلويح وهذا التعليق رواه الحاكم أبو أحمد في الكنى عن أبي بكر بن أبي داود حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أبيه عن جده عن أبي بكر أن رجلا عض يد رجل فأندر ثنيته فأهدرها أبو بكر رضي الله تعالى عنه وقال صاحب التوضيح عبد الله بن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان قاضي الطائف لابن الزبير توفي بمكة سنة أربع عشرة ومائة وقد خالف البخاري ابن منده وأبو نعيم وأبو عمر فرووه في كتب الصحابة في ترجمة أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أبيه عن جده عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله ' بمثل هذه الصفة ' بتشديد الصاد المهملة بعدها الفاء ويروى بمثل هذه القضية بفتح القاف وكسر الضاد المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف * - 6 ((باب من استأجر أجيرا فبين له الأجل ولم يبين له العمل لقوله * (إني أريد أن أنكحك إحدى بنتي هاتينن على أن تأجرني) * إلى قوله: * (والله على ما نقول وكيل) *)) أي: هذا باب في بيان من استأجر أجيرا فبين له الأجل، أي المدة ولم يبين له، أي: للأجير العمل، يعني: لم يبين أي عمل يعمله له، وفي رواية أبي ذر: إذا استأجره، وجواب: من، محذوف تقديره وهل يصح ذلك أم لا؟ وميل البخاري إلى الصحة، فلذلك ذكر هذه الآية في معرض الاحتجاج. حيث قال: لقوله تعالى: * (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتيي) * (القصص: 72). الآية، وجه الدلالة منه أنه لم يقع في سياق القصة المذكورة بيان العمل، وإنما فيه أن موسى آجر نفسه من والد المرأتين. فإن قلت: كيف يقول لم يقع في سياق القصة بيان العمل، وقد قال شعيب: إني أريد أن أنكحك إحدى بنتي هاتين؟ قلت: قال الزمخشري: فإن قلت: كيف يصح أن ينكحه إحدى ابنتيه من غير تمييز؟ قلت: لم يكن ذلك عقد النكاح، ولكن مواعدة ومواضعة أمر قد عزم عليه، ولو كان عقدا لقال: قد أنكحتك، ولم يقل: إني أريد أن أنكحك. انتهى. قلت: حاصله أن شعيبا، عليه الصلاة والسلام، استأجر موسى، لم يبين له العمل أولا، لكنه بين له الأجل، فدل ذلك أن الإجارة إذا بين فيها المدة ولم يبين العمل جائزة، لكن هذا في موضع يكون نفس العمل معلوما بنفس العقد كاستئجار العبد لأجل الخدمة وأما إذا لم يكن نفس العمل معلوما بنفس العقد فلا يجوز إلا ببيان العمل، لأن الجهالة فيه تقضي إلى المنازعة، وقال المهلب، رحمه الله تعالى عليه: ليس في الآية دليل على جهالة العمل في الإجارة، لأن ذلك كان معلوما بينهم من سقي وحرث ورعي واحتطاب. وما شاكل ذلك من أعمال البادية ومهنة أهلها فهذا متعارف، وإن لم يبين له أشخاص الأعمال، وقد عرفه المدة وسماها له. انتهى. وأجيب: بأن هذا ظن أن البخاري أجاز أن يكون العمل مجهولا وليس كما ظن، إنما أراد البخاري أن التنصيص على العمل باللفظ غير مشروط، وأن المنبع المقاصد لا الألفاظ، فيكفي دلالة الفوائد عليها.
قلت: يؤيد هذا ما رواه ابن ماجة من حديث عتبة ابن الندر، قال: كنا عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (فقال: إن موسى، عليه الصلاة والسلام، آجر نفسه ثمان سنين أو عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه). انتهى. وليس فيه بيان العمل من قبل موسى، عليه الصلاة والسلام، وعتبة، بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق وفتح الباء الموحدة، والندر، بضم النون وتشديد الدال المهملة. وقال الذهبي: عتبة بن الندر السلمي، صحابي يقال: هو عتبة بن عبد السلمي، وليس بشيء، روى عنه علي بن رباح وخالد بن معدان.
فإن قلت: كيف حكم النكاح على أعمال البدن؟ قلت: لا يجوز عند أهل المدينة، لأنه غرر، وما وقع من النكاح على مثل هذا الصداق لا يؤمر به اليوم لظهور الغرر في طول المدة، وهو خصوص لموسى، عليه الصلاة والسلام، عند أكثر العلماء، لأنه قال إحدى ابنتي هاتين، ولم يعينها، وهذا لا يجوز إلا بالتعيين.
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال مالك: إذا تزوجها على أن يؤجرها نفسه سنة أو أكثر يفسخ النكاح إن لم يكن دخل بها، فإن دخل ثبت النكاح بمهر المثل، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إن كان حرآ فلها مهر مثلها، وإن كان عبدا فلها خدمة سنة، وبه قال أحمد في رواية، وقال محمد: يجب عليه قيمة الخدمة سنة لأنها متقومة.
وقال الشافعي: النكاح جائز على خدمته إذا كان وقتا معلوما، ويجب عله عين الخدمة سنة. وكذلك الخلاف إذا تزوجها على تعليم القرآن.