وهمام على وزن فعال بالتشديد ابن يحيى بن دينار البصري.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الوصايا عن حسان بن أبي عباد وفي الديات عن حجاج بن منهال وعن إسحاق عن ابن حبان. وأخرجه مسلم في الحدود عن هدبة بن خالد، وأخرجه أبو داود في الديات عن علي بن محمد عن محمد بن كثير. وأخرجه الترمذي فيه والنسائي في القود جميعا عن علي بن حجر. وأخرجه ابن ماجة في الديات عن علي بن محمد عن وكيع.
ذكر معناه: قوله: (رض)، بتشديد الضاد المعجمة أي: دق يقال: رضضت الشيء رضا فهو رضيض ومرضوض، وقال ابن الأثير: الرض الدق الجريش. قوله : (رأس جارية)، كانت هذه الجارية من الأنصار كما صرح به في رواية أبي داود، واختلفت ألفاظ هذا الحديث فههنا رض رأس جارية بين حجرين، وفي رواية للبخاري، على ما سيأتي: أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها، فقتلها بين حجرين، وفي رواية للطحاوي: (عدا يهودي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جارية، فأخذ أوضاحا كانت عليها ورضخ رأسها). وفي رواية لمسلم: فرضخ رأسها بين حجرين، وفي رواية لأبي داود: أن يهوديا قتل جارية من الأنصار على حلى لها، ثم ألقاها في قليب رضخ رأسها بالحجارة، فأخذ فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر به أن يرجم حتى يموت، فرجم حتى مات، وفي رواية الترمذي: خرجت جارية عليها أوضاح، فأخذها يهودي فرضخ رأسها وأخذ ما عليها من حلي، قال: فأدركت وبها رمق، فأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من قتلك؟ الحديث. قلت: الاختلاف في الألفاظ لا في المعاني، فإن الرضخ والرض والرجم كله عبارة ههنا عن الضرب بالحجارة، والأوضاح جمع وضح، بالضاد المعجمة والحاء المهملة، وهو نوع من الحلي يعمل من الفضة، سميت بها لبياضها، والرضخ، بالضاد والخاء المعجمتين: وهو الدق والكسر هنا، ويجيء بمعنى الشدخ أيضا وبمعنى العطية. قوله: (أفلان؟ أفلان؟) الهمزة فيهما للاستفهام على سبيل الاستخبار. قوله: (فأومت)، كذا ذكره ابن التين، ثم قال: صوابه فأومأت، وثلاثية: ومأ، وفي (المطالع): يقال منه: ومأ وأومأ، وفي (الصحاح): أومأت إليه: أشرت، ولا تقل أوميت وومأت إليه إماء ووماء، لغة وهذا معتل الفاء مهموز اللام.
ذكر ما يستفاد منه: احتج به عمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن وابن سيرين ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وإسحاق وابن المنذر وجماعة من الظاهرية: على أن القاتل يقتل بما قتل به، وقال ابن حزم: قال مالك: إن قتله بحجر أو بعصا أو بالنار أو بالتفريق قتل بمثل ذلك، يكرر عليه أبدا حتى يموت. وقال الشافعي: إن ضربه بحجر أو بعصا حتى مات ضرب بحجر أو بعصا أبدا حتى يموت، فإن حبسه بلا طعام ولا شراب حتى مات حبس مثل المدة حتى يموت، فإن لم يمت قتل بالسيف، وهكذا إن غرقه، وهكذا إن ألقاه من مهواة عالية، فإن قطع يديه ورجليه فمات قطعت يدا القاتل ورجلاه، فإن مات وإلا قتل بالسيف. وقال أبو محمد: إن لم يمت ترك كما هو حتى يموت لا يطعم ولا يسقى، وكذلك إن قتله جوعا أو عطشا عطش أو جوع حتى يموت، ولا تراعى المدة أصلا. وقال ابن شبرمة: إن غمسه في الماء حتى مات غمس حتى يموت، وقال عامر الشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري وسفيان الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، رحمهم الله: لا يقتل القاتل في جميع الصور إلا بالسيف، واحتجوا في ذلك بما رواه أبو داود الطيالسي عن قيس عن جابر الجعفي عن أبي عازب عن النعمان ابن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا قود إلا بحديدة. ورواه الطحاوي: حدثنا ابن مرزوق، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا سفيان الثوري عن جابر عن أبي عازب عن النعمان. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا قود إلا بالسيف، وأخرجه الدارقطني: حدثنا محمد بن سليمان النعماني حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الجرجرائي. حدثنا موسى بن داود عن مبارك عن الحسن، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا قود إلا بالسيف. قيل للحسن: عمن؟ قال: سمعت النعمان بن بشير يذكر ذلك. وقيل: عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعا، رواه الوليد بن صالح عنه. وأخرجه ابن أبي شيبة مرسلا: حدثنا عيسى بن يونس عن أشعث وعمرو بن عبيد عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا قود إلا بالسيف، وجه الاستدلال به أن معناه: لا قصاص حاصل إلا بالسيف، وقد علم أن النكرة في موضع النفي تعم، ويكون المعنى: لا فرد من أفراد القود إلا وهو مستوفى بالسيف. وقيل: النفي والاستثناء، وهو طريق من طرق القصر، وتحقيق القصر فيه أنه لما قيل: لا قود توجه النفي إلى ذات القود، فانتفى القود المنكر الشامل لكل واحد من أفراد القود، ولما قيل: إلا بالسيف، جاء القصر، وفيه