هذه الآية، فيما ذكره مقاتل بن سليمان في تفسيره نزلت هذه الآية في ست جوار لعبد الله بن أبي بن سلول كان يكرههن على الزنا، ويأخذ أجورهن، وهي: معاذة ومسيكة وأميمة وعمرة وأروى وقتيلة، فجاءته إحداهن يوما بدينار، وجاءت أخرى ببرد، فقال لهما: إرجعا فازنيا، فقالتا: والله لا نفعل، قد جاء الله تعالى بالإسلام وحرم الزنا، فأتتا الرسول صلى الله عليه وسلم وشكتا إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ذكره الواحدي في (أسباب النزول) وروى الطبري من طريق ابن نجيح عن مجاهد قال: في قوله: * (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) * (النور: 33). قال: إماءكم على الزنا، وأن عبد الله بن أبي أمر أمة له بالزنا فزنت فجاءت ببرد، فقال: إرجعي فازني على آخر. قالت: والله ما أنا براجعة، فنزلت. وهذا أخرجه مسلم من طريق أبي سفيان عن جابر مرفوعا، وروى أبو داود والنسائي من طريق أبي الزبير: سمع جابرا قال: جاءت مسيكة أمة لبعض الأنصار فقالت: إن سيدي يكرهني على البغاء.. فنزلت. قوله: (فتياتكم)، جمع: فتاة، وهي الشابة، والفتى الشاب، وقد فتي، بالكسر، يفتي فهو فتي السن بين الفتا والفتي السخي الكريم، وقد تفتى وتفاتى، والجمع: فتيان وفتية، وفتو، على فعول، وفتي مثل عصا، والفتيان: الليل والنهار، واستفتيت الفقيه في مسألة فأفتاني، والاسم الفتيا والفتوى. قوله: * (إن أردن تحصنا) * (النور: 33). أي: تعففا. وقال بعضهم، قوله: * (إن أردن تحصنا) * (النور: 33). لا مفهوم له، بل خرج مخرج الغالب. قلت: المفهوم لا يصح نفيه لأن كلمة: إن، تقتضي ذلك، ولكن الذي يقال هنا: أن: إن، ليست للشرط، بل بمعنى: إذ، وذلك كما في قوله تعالى: * (وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) * (البقرة: 872). وقوله تعالى: * (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) * (آل عمران: 931). وقوله تعالى: * (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله) * (الفتح: 72). ومعنى: إن، في هذه كلها بمعنى: إذ، وقال النسفي في تفسير هذه الآية: وليس معناه الشرط لأنه لا يجوز إكراههن على الزنا إن لم يردن تحصنا، ثم قال: وكلمة: إن، وإيثارها على: إذا، إيذان بأن الباغيات كن يفعلن ذلك برغبة وطواعية، وقيل: إن أردن تحصنا. متصل بقوله: * (وأنكحوا الأيامى منكم) * (النور: 23). أي: من أراد أن يلزم الحصانة فليتزوج. وقيل: في الآية تقديم وتأخير، والمعنى: * (فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) * (النور: 33). لمن أراد تحصنا. قوله: (لتبتغوا) أي: لتطلبوا بإكراههن على الزنا أجورهن على الزنا. قوله: (غفور رحيم) أي: لهن، وقيل: لهم، لمن تاب عن ذلك بعد نزول الآية، وقيل: لهن ولهم إن تابوا وأصلحوا.
2822 حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن..
مطابقته للترجمة في قوله: (ومهر البغي). والحديث قد مضى في أواخر البيوع في: باب ثمن الكلب، فإنه أخرجه هناك: عن عبد الله بن يوسف عن مالك... إلى آخره، وقد مر الكلام فيه مستوفى.
3822 حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا شعبة عن محمد بن جحادة عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء. (الحديث 3822 طرفه في: 8435).
مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمد بن جحادة، بضم الجيم وتخفيف الحاء المهملة: الأيامى، بفتح الهمزة وتخفيف الياء آخر الحروف: الكوفي، مات سنة ثلاث ومائة، وأبو حازم، بالحاء المهملة والزاي المعجمة: واسمه سلمان الأشجعي. والحديث رواه البخاري أيضا في الطلاق عن محمد بن الجعد. وأخرجه أبو داود في البيوع عن عبد الله بن معاذ عن أبيه، وقد ذكرنا أن المراد من كسب الإماء المنهي: هو الكسب الذي تحصله الأمة بالفجور، وأما الذي تحصله بالصناعة المباحة فغير منهي عنه.
12 ((باب عسب الفحل)) أي: هذا باب في بيان النهي عن عسب الفحل، وقال الترمذي: باب ما جاء في كراهية عسب الفحل، وهو بفتح العين وسكون