عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٨٥
عمر المذكور الآن أخرجه مسلم والطحاوي. قوله: (لأن صاحبه) أي: صاحب التلقي (عاص آثم) أي: مرتكب الإثم (إذا كان به)، أي: بالنهي عن تلقي الركبان عالما، لأنه ارتكب المعصية مع علمه بورود النهي عن ذلك، والعلم شرط لكل ما نهى عنه. قوله: (وهو خداع)، أي: تلقي الركبان خداع للمقيمين في الأسواق أو لغير المتلقين، والخداع حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: (الخديعة في النار)، أي: صاحب الخديعة، وقال بعضهم: لا يلزم من ذلك.. أي: من كونه خداعا أن يكون البيع مردودا، لأن النهي لا يرجع إلى نفس العقد ولا يخل بشيء من أركانه وشرائطه، بل لدفع الضرر بالركبان. قلت: هذا التعليل هو الذي يقول به الحنفية في أبواب النهي، والعجب من الشافعية أنهم يقولون: إن النهي يقتضي الفساد، ثم مطلقا في بعض المواضع، يذهبون إلى ما قاله الحنفية، وقال بعضهم: يمكن أن يحمل قول البخاري: إن البيع مردود، على ما إذا اختار البائع رده، فلا يخالف الراجح. قلت: هذا الحمل الذي ذكره هذا القائل يرده هذه التأكيدات التي ذكرها. وهي قوله: (لأن صاحبه عاص...) إلى آخره، ولم يبق بعد هذه إلا أن يقال: كاد أن يخرج من الإيمان، ألا ترى إلى الإسماعيلي كيف اعترض عليه وألزمه هذا التناقض ببيع المصراة، فإن فيه خداعا، ومع ذلك لم يبطل البيع، وبكونه فصل في بيع الحاضر للبادي بين أن يبيع له بأجر أو بغير أجر، واستدل عليه أيضا بحديث حكيم بن حزام الماضي في بيع الخيار، ففيه: (فإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)، قال: فلم يبطل بيعها بالكذب والكتمان للعيب، وقد ورد بإسناد صحيح: أن صاحب السلعة إذا باعها لمن تلقاه يصير بالخيار إذا دخل السوق، ثم ساقه من حديث أبي هريرة. انتهى. ولو كان للحمل الذي ذكر القائل المذكور وجه لذكره الإسماعيلي ولا أطنب في هذا الاعتراض. وقال ابن المنذر: أجاز أبو حنيفة التلقي وكرهه الجمهور. قلت: ليس مذهب أبي حنيفة كما ذكره على الإطلاق، ولكن على التفصيل الذي ذكرناه عن قريب، والعجب من ابن المنذر وأمثاله كيف ينقلون عن أبي حنيفة شيئا لم يقل به، وإنما ذلك منهم من أريحية العصبية على ما لا يخفى.
2612 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا عبيد الله العمري عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التلقي وأن يبيع حاضر لباد..
مطابقته للترجمة في قوله: (عن التلقي)، وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وسعيد هو المقبري، وهذا من أفراده مشتمل على حكمين مضى البحث فيهما.
3612 حدثني عياش بن الوليد قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال سألت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما معنى قوله لا يبيعن حاضر لباد فقال لا يكن له سمسارا. (انظر الحديث 8512 وطرفه).
مطابقته للترجمة من حيث إن هذا الحديث مختصر عن الحديث الذي رواه في: باب هل يبيع حاضر لباد، فبالنظر إلى أصل الحديث المطابقة موجودة، وعياش، بتشديد الياء آخر الحروف والشين المعجمة: ابن الوليد أبو الوليد الرقام البصري، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ومعمر بفتح الميمين ابن راشد، وابن طاووس هو عبد الله، وقد مر الكلام فيه هناك.
4612 حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثني التيمي عن أبي عثمان عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال من اشترى محفلة فليرد معها صاعا ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع..
مطابقته للترجمة في قوله: (عن تلقي البيوع)، التميمي هو سليمان بن طرخان أبو المعتمر، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي، بالنون، وهؤلاء كلهم بصريون، وقد مضى الحديث في: باب النهي للبائع أن لا يحفل، فإنه أخرجه هناك: عن مسدد عن
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»