المسند على ما هو المعهود في وضعه، ولا يقال: وجد المطابقة هنا، إلا على رواية أبي ذر والنسفي، ولا يحتاج إلى ذكر شيء آخر. فافهم.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: أحمد بن يونس، هو أحمد بن عبد الله بن يونس بن قيس أبو عبد الله التميمي اليربوعي. الثاني: زهير مصغر زهر ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي. الثالث: منصور بن المعتمر أبو عتاب السلمي. الرابع: ربعي، بكسر الراء وسكون الباء الموحدة وبالعين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف: ابن حراش، بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء، وفي آخره شين معجمة، مر في: باب إثم من كذب، في كتاب العلم. الخامس: حذيفة بن اليمان، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع وبصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: القول في موضع مكررا. وفيه: أن رجاله كلهم كوفيون. وفيه: أن شيخه مذكور بالنسبة إلى جده. وفيه: أن حذيفة حدثه وفي رواية مسلم من طريق نعيم بن أبي هند عن ربعي: اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة: رجل لقي ربه... فذكر الحديث، وفي آخره: فقال أبو مسعود: هكذا سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومثله رواية أبي عوانة عن عبد الملك عن ربعي، كما سيأتي في هذا الباب.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في ذكر بني إسرائيل عن موسى بن إسماعيل، وفي الاستقراض عن مسلم بن إبراهيم. وأخرجه مسلم في البيوع عن أحمد بن يونس به وعن محمد بن المثنى عن غندر وعن علي بن حجر وإسحاق بن إبراهيم وعن أبي سعيد الأشج. وأخرجه ابن ماجة في الأحكام عن محمد بن بشار.
ذكر معناه: قوله: (تلقت) أي: استقبل روح رجل عند الموت، وفي رواية عبد الملك بن عمير في ذكر بني إسرائيل: (أن رجلا كان فيمن كان قبلكم أتاه ملك الموت ليقبض روحه). قوله: (أعملت؟) الهمزة فيه للاستفهام، ويروى بحذف همزة الاستفهام، وهي مقدرة فيه. وفي رواية عبد الملك المذكورة. فقال: (ما أعلم شيئا غير أني...) فذكره، وفي رواية لمسلم من طريق شقيق عن أبي مسعود رفعه: (حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس، وكان موسرا، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال: قال الله تعالى: نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه). قوله: (فتياني) بكسر الفاء: جمع فتى، وهو الخادم حرا كان أو مملوكا. وقوله: (أن ينظروا)، بضم الياء من الإنظار، وهو الإمهال. وقد ذكرنا أن هذا رواية أبي ذر والنسفي، ورواية الباقين: (أن ينظروا المعسر ويتجاوزوا عن الموسر). وقد مر الكلام فيه في أول الباب. قوله: (ويتجاوزوا) عن الموسر، والتجاوز المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء. وقال الكرماني: والظاهر أن صلة: ينظروا، محذوف وهو: عن المعسر. ولفظ: عن الموسر، يتعلق بالتجاوز، لكن البخاري جعله متعلقا بذيل الترجمة بالموسر، حيث قال: باب من أنظر موسرا. انتهى. قلت: لو وقف الكرماني على رواية أبي ذر والنسفي التي ذكرناها في أول الباب لما احتاج إلى هذا التكلف.
وفيه: والحديث الذي يأتي في الباب الذي يليه: أن الرب، جل جلاله، يغفر الذنوب بأقل حسنة توجد للعبد، وذلك والله أعلم إذا حصلت النية فيها لله تعالى، وأن يريد بها وجهه وابتغاء مرضاته، فهو أكرم الأكرمين ولا يخيب عبده من رحمته، وقد قال الله تعالى: * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له، وله أجر كريم) * (الحديد: 11). وفيه: إباحة كسب العبد لقوله: (كنت آمر فتياني). وفيه: أن العبد يحاسب عند موته بعض الحساب. وفيه: أنه إن أنظره أو وضع ساغ ذلك، وهو شرع من قبلنا، وشرعنا لا يخالفه بل ندب إليه.
وقال أبو مالك عن ربعي: كنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر أبو مالك اسمه: سعد بن طارق الأشجعي الكوفي، وهذا التعليق رواه مسلم في (صحيحه) عن أبي سعيد الأشح: حدثنا أبو خالد الأحمر عن أبي مالك سعد بن طارق عن ربعي (عن حذيفة، قال: أتي الله بعبد من عباده آتاه الله مالا، فقال له: ماذا عملت في دار الدنيا؟ قال: ولا يكتمون الله حديثا. قال: يا رب آتيتني مالك، فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي الجواز، فكنت أتيسر على الموسر وأنظر المعسر، فقال الله تعالى: أنا أحق بذامنك، تجاوزوا عن عبدي). قال عقبة بن عامر الجهني وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (كنت أيسر)، بضم الهمزة وتشديد السين: