3 ((باب تفسير المشبهات)) أي: هذا باب في بيان تفسير المشبهات، بضم الميم وفتح الشين المعجمة والباء الموحدة المشددة المفتوحة: جمع مشبهة، وهي التي يأتي فيها من شبه طرفين متخالفين، فيشبه مرة هذا ومرة هذا، ومنه قوله تعالى: * (إن البقر تشابه علينا) * (البقرة: 07). أي: اشتبه، وفي بعض النسخ: باب تفسير المشتبهات، من اشتبه من باب الافتعال، وفي بعضها: باب تفسير الشبهات، بضم الشين والباء، جمع شبهة. وقال الخطابي: كل شيء يسبه الحلال من وجه والحرام من وجه هو شبهة، والحلال اليقين: ما علم ملكه يقينا لنفسه، والحرام البين ما علم ملكه لغيره يقينا، والشبهة: ما لا يدري أهو له أو لغيره، فالورع اجتنابه. ثم الورع على أقسام: واجب، كالذي قلناه. ومستحب، كاجتناب معاملة من أكثر ماله حرام، ومكروه كالاجتناب عن قبول رخص الله والهدايا، ومن جملته أن يدخل الرجل الخراساني مثلا بغداد ويمتنع من التزوج بها مع الحاجة إليه، يزعم أن أباه كان ببغداد فربما تزوج بها وولد له بنت، فتكون هذه المنكوحة أختا له.
وقال حسان بن أبي سنان ما رأيت شيئا أهون من الورع دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
حسان بن الحسن أو الحسين بن أبي سنان، بكسر السين المهملة وتخفيف النون، ينصرف ولا ينصرف. هذا التعليق رواه أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا محمد بن أحمد بن أحمد بن عمرو حدثنا عبد الرحمن بن عمرو رسته. قال: حدثنا زهير بن نعيم البابي، قال: اجتمع يونس بن عبيد، وحسان بن أبي سنان يعني: أبا عبد الله عابد أهل البصرة، فقال يونس: ما عالجت شيئا أشد علي من الورع، فقال حسان: ما عالجت شيئا أهون علي منه، قال يونس: كيف؟ قال حسان: تركت ما يريبني إلى ما لا يريبني فاسترحت. وأيضا، قال: حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي، قال: كتب إلينا ضمرة عن عبد الله بن شوذب، قال: قال حسان بن أبي سنان: ما أيسر الورع إذا شككت في شيء فاتركه. قلت: لفظ: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، صح من حديث الحسن بن علي، رضي الله تعالى عنهما، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وشاهده حديث أبي أمامة: (أن رجلا سأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: إذا سرتك حسنة وساءتك سيئة. فأنت مؤمن. قال: يا رسول الله! ما الإثم؟ قال: إذا حك في صدرك شيء فدعه). قوله: (يريبك)، من الريب وهو الشك، ورابني فلان، إذا رأيت منه ما يريبك.
2502 حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي حسين قال حدثنا عبد الله بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث رضي الله تعالى عنه أن امرأة سوداء جاءت فزعمت أنها أرضعتهما فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنه وتبسم النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف وقد قيل وقد كانت تحته ابنة إهاب التميمي..
مطابقته للترجمة في قوله: (كيف وقد قيل) لأنه مشعر بإشارته صلى الله عليه وسلم إلى تركها ورعا، ولهذا فارقها، ففيه توضيح الشبهة وحكمها، وهو الاجتناب عنها، و عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين القرشي النوفلي المكي، وسفيان هو الثوري.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في كتاب العلم في: باب الرحلة في المسألة النازلة. وأخرجه هناك: عن محمد بن مقاتل عن عبد الله عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن عبد الله بن أبي مليكة... إلى آخره، وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى.
قوله: (أرضعتهما)، أي أرضعت عقبة وامرأته ابنة أبي إهاب، بكسر الهمزة وتخفيف الهاء وبالباء الموحدة: واسم هذه المرأة غنية بنت أبي إهاب، ذكره الزبير، وروى الترمذي هذا الحديث ولفظه: (قال عقبة: تزوجت امرأة، فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: إني أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت: إني أرضعتكما، وهي كاذبة. قال: فأعرض عني، فقال فأتيته من قبل وجهه، فقلت: إنها كاذبة، قال: وكيف بها؟ فقد زعمت أنها أرضعتكما! دعها عنك) ثم قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وغيرهم أجازوا