الطحاوي السؤال عن منى والإفاضة معا قبل الحلق وفي حديث جابر الذي علقه البخاري فيما مضى السؤال عن السعي قبل الطواف قوله ' لهن كلهن ' اللام فيه إما متعلق يقال أي قال لأجل هذه الأفعال كلهن افعل ولا حرج أو متعلق بمحذوف نحو قال يوم النحر لهن أو متعلق بلا حرج أي لا حرج لأجلهن عليك قوله ' عن شيء ' أي من الأمور التي هي وظائف يوم النحر.
8371 حدثنا إسحاق قال أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال حدثني عيسى بن طلحة بن عبيد الله أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته فذكر الحديث.
.
هذا طريق ثالث للحديث المذكور عن إسحاق، كذا وقع في رواية الأكثرين: إسحاق مجردا غير منسوب، ونسبه أبو علي بن السكن. فقال: إسحاق بن منصور، ووقع في رواية أبي نعيم في (المستخرج) من مسند إسحاق بن راهويه، وهذا هو الأقرب، لأن أبا نعيم يروي من حديث عبد الله بن محمد بن شيرويه عن إسحاق عن يعقوب، وابن شيرويه يروي عن إسحاق بن راهويه بسنده، ولم يعلم له رواية عن إسحاق بن منصور، ويعقوب بن إبراهيم ابن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، روى عن أبيه إبراهيم بن سعد، يروي عن صالح بن كيسان مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، يروي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، رضي الله تعالى عنهم.
وفيه: من اللطائف: رواية الابن عن الأب، ورواية ثلاثة من التابعين، يروي بعضهم عن بعض، وهم صاحل والزهري وعيسى. قال الواقدي: مات صالح بعد الأربعين والمائة، وكان تابعيا، رأى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. قوله: (وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته) قال ابن عبد البر: في وقوف النبي، صلى الله عليه وسلم، على ناقته مع ما روي عن جابر وغيره دلالة لما استحبه حماعة منهم الشافعي ومالك قالوا: رمى جمرة العقبة راكبا، قال مالك: وفي غير يوم النحر ماشيا، وعن أبي حنيفة: يرميها كلها ماشيا أو راكبا. وقال ابن المنذر: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة يوم النحر راكبا. وقال ابن حزم: يرميها كلها راكبا. قلت: يرد هذا ما رواه الترمذي مصححا عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، إنه كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهبا وراجعا، ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. قال: وقال بعضهم: يركب يوم النحر ويمشي في الأيام التي بعد يوم النحر. انتهى.
وقد أجمع العلماء على جواز الأمرين معا واختلفوا في الأفضل من ذلك، فذهب أحمد إسحاق إلى استحباب الرمي ماشيا، وروى البيهقي بإسناده إلى جابر بن عبد الله أنه كان يكره أن يركب إلى شيء من الجمار إلا من ضرورة، وذهب مالك إلى استحباب المشي في رمي أيام التشريق، وأما جمرة العقبة يوم النحر فيرميها على حسب حاله كيف كان، وقال القاضي عياض: ليس من سنة الرمي الركوب له ولا الترجل، ولكن يرمي الرجل على هيئته التي يكون حينئذ عليها من ركوب أو مشي، ولا ينزل إن كان راكبا لرمي، ولا يركب إن كان ماشيا، وأما الأيام بعدها فيرمي ماشيا لأن الناس نازلون منازلهم بمنى فيمشون للرمي ولا يركبون، لأنه خروج عن التواضع حينئذ، هذا مذهب مالك. انتهى واختار بعضهم الركوب في اليوم الأول والأخير والمشي فيما بينهما، وروى البيهقي بإسناده إلى عطاء بن أبي رباح قال: رمي الجمار ركوب يومين ومشي يومين، وحمله البيهقي على ركوب اليوم الأول والأخير، وحكى النووي في (شرح مسلم) عن الشافعي وموافقيه: أنه يستحب لمن وصل منى راكبا أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا، ولو رماها ماشيا جاز، وأما من وصلها ماشيا فيرميها ماشيا، قال: وهذا في يوم النحر، وأما اليومان الأولان من أيام التشريق فالسنة أن يرمي فيهما جميعا الجمرات ماشيا، وفي اليوم الثالث يرمي راكبا. انتهى. وقال أصحابنا الحنفية: كل رمي بعده رمي كرمي الجمرتين الأولى والوسطى في الأيام الثلاثة يرمي ماشيا، وإن لم يكن بعده رمي كرمي جمرة العقبة، والجمرة الأخيرة في الأيام الثلاثة، فيرمي راكبا. هذا هو الفضيلة، وأما الجواز فثابت كيف ما كان.