عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ٢٨٢
ونذرا ونفلا يوافق عادة وبه قال الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك. والثالث المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر ' فإن غبي ' أي الهلال من الغباوة وهو عدم الفطنة يقال غبي علي بالكسر إذا لم تعرفه وهي استعارة لخفاء الهلال وهو من باب علم يعلم وقال ابن الأثير وروى غبي بضم الغين وتشديد الياء المكسورة لما لم يسم فاعله قال غبي بالفتح والتخفيف وغبى بالضم والتشديد من الغباء شبه الغبرة في السماء وفي رواية المستملي ' فإن غم ' بضم الغين المعجمة وتشديد الميم قيل معناه حال بينكم وبينه غيم يقال غممت الشيء إذا غطيته وقال ابن الأثير وفي غم ضمير الهلال ويجوز أن يكون غم مسندا إلى الظرف أي فإن كنتم مغموما عليكم فأكملوا وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه وفي رواية الكشميهني ' أغمي ' على صيغة المجهول من الإغماء بالغين المعجمة يقال أغمي عليه الخبر إذا استعجم وفي رواية السرخسي ' غمى ' بضم الغين المعجمة وتشديد الميم من التغمية وهو الستر والتغطية ونقل ابن العربي أنه روى ' عمى ' بفتح العين المهملة من العمى قال وهو بمعناه لأنه ذهاب البصر عن المشاهدات أو ذهاب البصيرة عن المعقولات قوله ' فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ' وفي حديث عبد الله بن عمر الذي مضى قبل هذا الحديث ' فأكملوا العدة ثلاثين ' ولم يذكر فيه شعبان ولا غيره ولم يخص شهرا دون شهر بالإكمال إذا غم فلا فرق بين شعبان وغيره في ذلك إذ لو كان شعبان غير مراد بهذا الإكمال لبينه فلا يكون رواية من روى ' فأكملوا عدة شعبان ' مخالفا لمن قال فأكملوا العدة بل مبينة لها ويؤيد ذلك ما رواه أصحاب السنن وأحمد وابن خزيمة وأبو يعلى من حديث ابن عباس ' فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالا ' ورواه الطيالسي من هذا الوجه بلفظ ' ولا تستقبلوا رمضان بصوم يوم من شعبان ' * - 0191 حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن عكرمة بن عبد الرحمان عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا فلما مضى تسعة وعشرون يوما غدا أو راح فقيل له إنك حلفت أن لا تدخل شهرا فقال إن الشهر يكون تسعة وعشرين يوما.
(الحديث 0191 طرفه في: 2025).
مطابقته للترجمة مثل الوجه الذي ذكرناه في مطابقة الحديث السابق للترجمة.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد. الثاني: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. الثالث: يحيى بن عبد الله بن صيفي، منسوب إلى ضد الشتاء، مر في أول الزكاة. الرابع: عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي. مات زمان يزيد بن عبد الملك. الخامس: أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، واسمها هند بنت أبي أمية.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع. وفيه: العنعنة في أربعة مواضع. وفيه: أن شيخه مذكور بكنيته وأنه بصري وأن ابن جريج ويحيى مكيان وعكرمة مدني.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن أبي عاصم، وعن محمد بن مقاتل. وأخرجه مسلم في الصوم عن هارون بن عبد الله وعن إسحاق بن راهويه. وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن يوسف بن سعيد، وأخرجه ابن ماجة في الطلاق عن عن أحمد بن يوسف عن أبي عاصم.
ذكر معناه: قوله: (آلى)، أي: حلف لا يدخل على نسائه، ويقال إلى يولي إيلاء وتألى يتألى تأليا. قوله: (من نسائه)، إنما عداه: بمن، حملا على المعنى، وهو الامتناع من الدخول، وهو يتعدى: بمن، قوله: (غدا) بالغين المعجمة، يقال: غدا يغدو غدوا، وهو الذهاب أول النهار. قوله: (أو راح)، شك من الراوي من الرواح وهو الذهاب آخر النهار، وهو الأصل، وقد يراد به مطلق الذهاب أي وقت كان، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى) أي: من مشى إليها وذهب إلى الصلاة، ولم يرد رواح آخر النهار، وروى مسلم: حدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا معمر عن الزهري: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقسم أن لا يدخل على أزواجه شهرا)، قال الزهري، فأخبرني عروة (عن عائشة، قالت: لما مضت
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»