عن أبي إسحاق عن الحارث (عن علي، رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في صدقة الفطر نصف صاع من بر أو صاع من تمر والحارث معروف). وقال الدارقطني: والصحيح موقوف. ومما احتجوا به في حديث زيد بن ثابت قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من كان عنده شيء فليتصدق بنصف صاع من بر..) الحديث، رواه الدارقطني، وفيه سليمان ابن أرقم وهو متروك الحديث، وحديث جابر بن عبد الله رواه الطبراني في (الأوسط) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صدقة الفطر على كل إنسان مدان من دقيق أو قمح، ومن الشعير صاع، ومن الحلو زبيب أو تمر صاع صاع). وفيه الليث ابن حماد وهو ضعيف.
الوجه الثاني: في قوله: (أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر)، وهذا لا خلاف فيه غير أن ابن حزم لم يجوز صدقة الفطر إلا من الشعير والتمر، والحديث حجة عليه.
الوجه الثالث: في قوله: (أو صاعا من أقط) قال النووي: اختلفوا في الأقط، قيل: لا يجزيه لأنه لا يجب فيه العشر، وقال الماوردي: الخلاف فيه في أهل البادية أما أهل الحضر فلا يجزيهم قولا واحدا. وقال شيخنا زين الدين، رحمه الله تعالى: وقد اختالف في قول الشافعي في الأقط، وقال الشيخ تقي الدين في (شرح العمدة): قد صح الحديث به. وهو يرد قول الشافعي، وقال النووي في (شرح مسلم): ويجزي الأقط على المذهب وعندنا: تجوز صدقة الفطر بالأقط، وفي (التحفة): في الأقط تعتبر القيمة. وقال مالك: تجب صدقة الفطر من تسعة أشياء، وهي: القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والتمر والزبيب والأقط، وزاد ابن حبيب: العلس، فصارت عشرة.
الوجه الرابع: في قوله: (أو صاعا من زبيب) وهذا أيضا لا خلاف فيه أن الصدقة منه صاع، قيل: هذا حجة على أبي حنيفة حيث اكتفى في إخراج الزبيب بنصف صاع، كما قال في القمح. قلت: هذا رواية عن أبي حنيفة والرواية الأخرى صاع.
الوجه الخامس: احتج بالحديث المذكور بعضهم على أن صدقة الفطر فريضة كالزكاة بظاهر اللفظ والجمهور على أنها واجبة، والحديث يخبر عما كانوا يفعلونه والوجوب ثبت بدلائل أخرى.
الوجه السادس: أنه يدل على أنهم كانوا يخرجون صدقة الفطر عن أنفسهم فلا يجب إخراجها عن الجنين، واستحبه أحمد في رواية، وأوجبه في رواية وهي مذهب داود وأصحابه، وروي عن عثمان أنه كان يعطي عن الحمل. وقال أبو قلابة: كانوا يخرجون عن الحمل، وقد أدرك الصحابة. وفي (الإمام) كان عثمان، رضي الله تعالى عنه. يعطي صدقة رمضان عن الخيل، وقال أبو قلابة: كانوا يعطون عن الخيل، وفي (الوبري): لا يجب عن فرسه ولا عن غيره من سائر الحيوانات غير الرقيق، وما روي عن عثمان وغيره محمول على التطوع، والله أعلم.
47 ((باب صدقة الفطر صاعا من تمر)) أي: هذا باب في بيان أن صدقة الفطر صاع من تمر، هذا التقدير على كون لفظ الباب مضافا إلى صدقة الفطر، وإذا قطع عن الإضافة يكون صدقة الفطر مبتدأ أو خبره قوله: صاع، ووقع في رواية أبي ذر: باب صدقة الفطر صاعا، بالنصب، وقد ذكرنا وجهه في: باب صدقة الفطر صاعا من شعير.
7051 حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا الليث عن نافع أن عبد الله قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير قال عبد الله رضي الله تعالى عنه فجعل الناس عدله مدين من حنطة.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (من تمر).
ورجاله قد ذكروا غير مرة، والليث عنعن هنا، وسماعه من نافع صحيح، وفي رواية الطحاوي والدارقطني والحاكم وآخرين من طريق يحيى بن بكير عن الليث عن كثير بن فرقد عن نافع وزاد فيه: (من المسلمين)، فدل على أن الليث سمعه من نافع بدون هذه الزيادة، ومن كثير بن فرقد عنه بهذه الزيادة.
وأخرجه مسلم في الزكاة عن قتيبة ومحمد بن رمح وأخرجه ابن ماجة فيه عن محمد بن رمح به.
قوله: (أمر) استدل به على وجوب صدقة الفطر، قال بعضهم: فيه