15 ((باب من أعطاه الله شيئا من غير مسئلة ولا إشراف نفس)) أي: هذا باب في بيان حكم من أعطاه الله.. إلى آخره، وجواب الشرط محذوف تقديره: فليقبل، وهذا هو الحكم، وإنما حذفه اكتفاء بما دل عليه في حديث الباب، وقال بعضهم: وإنما حذفه للعلم به وفيه نظر، لأن مراده إن كان علمه من الخارج فلا نسلم أنه يعلمه منه، وإن كان من الحديث فلا يقال إلا بما قلنا لأنه الأوجه والأسد. قوله: (من غير مسألة) أي: من غير سؤال، والمسألة مصدر ميمي من سأل. قوله: (ولا إشراف)، بكسر الهمزة وسكون الشين المعجمة، وهو التعرض للشيء والحرص عليه من قولهم: أشرف على كذا إذا تطاول له، ومنه قيل للمكان المتطاول: شرف.
* (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) * (الذاريات: 91، المعارج: 42 و 52).
ليس هذا بموجود عند أكثر الرواة، وفي رواية المستملي الآية مقدمة على قوله: من أعطاه الله شيئا. وقال صاحب (التلويح): باب في قوله تعالى: * (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) * (الذاريات: 91، المعارج: 42 و 52). وكذا في نسخة، وفي أخرى: باب من أعطاه الله... إلى آخره، وكأنه أليق بالحديث. قوله: * (وفي أموالهم) * (الذاريات: 91، المعارج: 42 و 52). أي: وفي أموال المتقين المذكورين قبل هذه الآية وهي قوله: * (إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) * (الذاريات: 51 91). والسائل هو الذي يسأل الناس ويستجدي، والمحروم الذي يحسب غنيا فيحرم الصدقة لتعففه. وقيل: المحروم المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم، وقيل: المحارف الذي لا يكاد يكسب، وعن عكرمة: المحروم الذي لا ينمى له مال، وعن زيد بن أسلم: هو المصاب بثمره وزرعه أو ماشيته. وقال محمد بن كعب القرظي: هو صاحب الحاجة، والمحارف، بفتح الراء: المنقوص الحظ الذي لا يثمر له مال، وهو خلاف المبارك، والعوام بكسر الراء، واستدل بهذه الآية الكريمة جماعة من التابعين، ومن الصحابة أبو ذر على أن في المال حقا غير الزكاة. وقال الجمهور: المراد من الحق هو الزكاة، واحتجوا على ذلك بأحاديث: منها: حديث الأعرابي في (الصحيح) (هل علي غيرها؟ قال: لا إلا إن تطوع) فإن قلت: روى مسلم من حديث أبي سعيد، قال: (بينا نحن مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سفر إذ جاء رجل على راحلته، فجعل يصرفها يمينا وشمالا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، حتى ظننا أنه لا حق لأحد منا في الفضل). ففيه: إيجاب إنفاق الفضل من الأموال. قلت: الأمر بإنفاق الفضل أمر إرشاد وندب إلى الفضل، وقيل: كان ذلك قبل نزول فرض الزكاة، ونسخ بها كما نسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان، وعاد ذلك فضلا وفضيلة بعدما كان فريضة.
3741 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يونس عن الزهري عن سالم أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال سمعت عمر يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني فقال خذه إذا جاءك من هاذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك.
مطابقته للترجمة في قوله: (خذه إذا جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل)، ورجاله قد ذكروا غير مرة، ويونس والزهري قد ذكرا في سند حديث الباب السابق، وأخرجه البخاري أيضا في الأحكام عن أبي اليمان الحكم ابن نافع عن شعيب. وأخرجه مسلم في الزكاة عن هارون بن معروف وحرملة بن يحيى، وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن منصور.
ذكر معناه: قوله: (فأقول: أعطه من هو أفقر مني)، زاد في رواية شعيب عن الزهري الآتية في الأحكام: (حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال: خذه فتموله وتصدق به). وذكر شعيب فيه عن الزهري إسنادا آخر، قال: أخبرني السائب