عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٠٢
مطابقته للترجمة في قوله: (وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون).
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: الحسن بن عبد العزيز ابن الوزير الجروي، بفتح الجيم وسكون الراء: الجذامي، مات بالعراق سنة سبع وخمسين ومائتين. الثاني: يحيى بن حسان، منصرفا وغير منصرف، أبو زكرياء الإمام الرئيس. الثالث: قريش، بضم القاف وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة. ابن حيان من الحياة أبو بكر العجلي، بكسر العين. الرابع: ثابت بن أسلم البناني. الخامس: أنس بن مالك.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: القول في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه جروي وهي قرية من قرى تنيس، ويقال له التنيسي أيضا، وهو من طبقة البخاري، ومات بعده بسنة وليس عنده سوى هذا الحديث، وحديثين آخرين في التفسير، وشيخه هذا من أفراده ويحيى بن حسان أيضا تنيسي، أدركه البخاري ولم يلقه لأنه مات قبل أن يدخل مصر، وقريش وثابت بصريان.
والبخاري تفرد به بهذا السند.
ذكر معناه: قوله: (على أبي سيف القين) سيف، بفتح السين، و: القين، بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون. وهو صفة له واسمه: البراء بن أوس الأنصاري، والقين: الحداد، قال ابن سيده: قيل: كل صانع قين، والجمع: أقيان وقيون، ويقال: قان يقين قيانة، صار قينا. وقان الحديدة عملها، وقان الإناء يقينه قينا: أصلحه، والمقين المزين. وفي (الطبقات الكبير) لمحمد بن سعد عن محمد بن عمر: ولد إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة: لما ولد تنافست فيه نساء الأنصار أيتهن ترضعه، فدفعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن تميم بن عدي بن النجار، وزوجها البراء بن أوس بن الجعد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن عدي بن النجار، فكانت ترضعه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه في بني النجار. وقال القاضي عياض: اسم أم بردة: خولة بنت المنذر، زوجة أبي سيف البراء بن أوس. قوله: (وكان ظئرا لإبراهيم)، أي: كان أبو سيف البراء ظئرا لإبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، الظئر: زوج المرضعة، وتسمى المرضعة أيضا ظئرا، قاله ابن قرقول. وقال ابن الجوزي: الظئر المرضعة، ولما كان زوجها تكفله سمي ظئرا، وأصله عطف على الناقة على غير ولدها ترضعه، والاسم: الظأر. وفي (الجامع): ظئرت الناقة فهي مظئورة، وظأرت فلانة إذا أخذت ولدا غير ولدها لترضعه، وأظأرت أنا ولدي ظئرا إذا اتخذته له. وفي (المحكم): الظئر العاطفة على ولد غيرها، المرضعة من الناس والإبل الذكر والأنثى في ذلك سواء، والجمع: أظؤر وأظآر وظئور وظئورة وظؤار، الأخير من الجمع العزيز، وظئورة. وهو عند سيبويه: اسم للجمع، وقيل: الجمع من الإبل ظؤار، ومن النساء ظئورة. وفي (الصحاح): والجمع ظآر على وزن فعال بالضم، وقال الأزهري: لا يجمع على فعلة إلا ثلاثة أحرف: ظئر وظئورة، وصاحب وصحبة، وفاره وفرهة. قوله: (لإبراهيم) أي: ابن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولفظه عند مسلم في أوله: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم، ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة يقال له أبو سيف، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتبعته، فانتهى إلى أبي سيف وهو ينفخ بكيره وقد امتلأ البيت دخانا، فتسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت: يا أبا سيف أمسك، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم). وقوله: (وإبراهيم يجود بنفسه) أي: يخرجها ويدفعها كما يجود الإنسان بإخراج ماله، وفي بعض طرقه: يكيد بنفسه. قال صاحب (العين): أي: يسوق بها، من كاد يكيد أي: قارب الموت. قوله: (تذرفان)، بذال معجمة وفاء: من ذرفت العين تذرف، بالكسر: إذا جرى دمعها. قوله: (فقال له) أي: لرسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (وأنت يا رسول الله؟) معطوف على محذوف تقديره، الناس لا يصبرون عند المصائب وأنت يا رسول الله تفعل كفعلهم، كأنه تعجب واستغرب ذلك منه لمقاومته المصيبة، ولعهده أنه يحث على الصبر وينهى عن الجزع. قوله: (فقال: يا ابن عوف)، هذا جواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف، فقال: يا ابن عوف إنها رحمة أي: إن الحالة التي شاهدتها مني هي رقة وشفقة على الولد، وليست بجزع كما توهمت أنت، ووقع في حديث عبد الرحمن ابن عوف نفسه، (فقلت: يا رسول الله تبكي؟ أو لم تنه عن البكاء؟) وزاد فيه: (إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة وخمش وجه وشق جيوب ورنة شيطان، وإنما هذا رحمة، ومن لا يرحم
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»