أيضا في أحاديث الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، عن موسى بن إسماعيل عن وهيب. وأخرجه أبو داود في الصلاة عن موسى ابن إسماعيل به، وأخرجه الترمذي فيه عن ابن أبي عمر عن سفيان، وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي في التفسير عن عتبة بن عبد الله عن سفيان بمعناه: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في ص * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * (الأنعام: 09) [/ ح.
ذكر معناه: قوله: (ليس من عزائم السجود)، العزائم جمع عزيمة، وهي التي أكدت على فعلها مثل صيغة الأمر، مثلا قاله بعضهم، ولكن التمثيل بصيغة الأمر على الإطلاق لا يصح لأن الأمر في نفسه يختلف، فتارة يدل على الوجوب وتارة على الاستحباب، وغير ذلك كما عرف في موضعه، بل معناه: ليس حق من حقوق السجود ولا واجب من واجباته، وقال الكرماني: عزائم السجود يعني ليس من السجدات المأمور بها، والعزيمة في الأصل عقد القلب على الشيء، ثم استعمل لكل أمر محتوم، وفي الاصطلاح ضد الرخصة التي هي ما ثبت على خلاف الدليل لعذر. قلت: لا يقال في الاصطلاح ضد الرخصة بل إنما يقال ذلك في اللغة.
ذكر ما يستنبط منه: لا خلاف بين الحنفية والشافعية في أن ص فيها سجدة تفعل وهو أيضا مذهب سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق غير أن الخلاف في كونها من العزائم أم لا، فعند الشافعي ليست من العزائم وإنما هي سجدة شكر تستحب في غير الصلاة، وتحرم فيها في الأصح، وهذا هو المنصوص عنده، وبه قطع جمهور الشافعية، وعند أبي حنيفة وأصحابه هي من العزائم، وبه قال ابن شريح وأبو إسحاق المروزي، وهو قول مالك أيضا. وعن أحمد كالمذهبين والمشهور منهما كقول الشافعي، ومثله قال أبو داود عن ابن مسعود لا سجود فيها، وقال: هي توبة نبي، وروى مثله عن عطاء وعلقمة، واحتج الشافعي ومن معه بحديث ابن عباس، هذا ولابن عباس حديث آخر في سجوده في ص أخرجه النسائي من رواية عمر بن أبي ذر عن أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في ص فقال: سجدها داود عليه السلام توبة، ونسجدها شكرا). وله حديث آخر أخرجه البخاري على ما يأتي، والنسائي أيضا في (الكبير) في التفسير عن عتبة بن عبد الله عن سفيان ولفظه: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ص * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * (الأنعام: 09). قلنا: هذا كله حجة لنا والعمل بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أولى من العمل بقول ابن عباس، وكونها توبة لا ينافي كونها عزيمة، وسجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا لما أنعم الله على داود، عليه السلام بالغفران والوعد بالزلفى وحسن مآب، ولهذا لا يسجد عندنا عقيب. قوله: * (وأناب) * (ص: 42). بل عقيب قوله: * (وحسن مآب) * وهذه نعمة عظيمة في حقنا، فكانت سجدة تلاوة لأن سجدة التلاوة ما كان سبب وجوبها إلا التلاوة، وسبب وجوب هذه السجدة تلاوة هذه الآية التي فيها الإخبار عن هذه النعم على داود، عليه السلام، وإطماعنا في نيل مثله، وروى أبو داود من حديث ابن سعيد قال: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص، فلما بلغ السجدة نزل فسجد). وروى الطبراني في (الأوسط) من حديث أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في ص) وروى الدارقطني أيضا كذلك، وفي (المصنف) قال ابن عمر: في ص سجدة، وقال الزهري: كنت لا أسجد في ص حتى حدثني السائب أن عثمان سجد فيها، وعن سعيد بن جبير أن عمر، رضي الله تعالى عنه، كان يسجد في ص، وكان طاووس يسجد في، وسجد فيها الحسن والنعمان بن بشير، ومسروق وأبو عبد الرحمن السلمي والضحاك بن قيس (وعن أبي الدرداء قال: سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم في ص) وعن عقبة بن عامر فيها السجود.
4 ((باب سجدة النجم)) أي: هذا باب في بيان السجدة التي في سورة النجم.
قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: رواه أو حكاه عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن في سورة النجم سجدة، وتذكير الضمير المنصوب باعتبار السجود، وحديث ابن عباس يأتي في الباب الذي عقيب هذا الباب.
0701 حدثنا حفص بن عمر قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله