الكرماني: وعلى تقدير الرواية إن أراد رواية ما صدر عنه من الصلاة والجهر فيهما وغيرهما صار مرفوعا، وإن أراد الرواية في الجملة فهو موقوف عليه. قلت: رأى عبد الله بن يزيد رواية الأكثرين، ورواية الحموي وحده: وروى عبد الله، وقد أخرج يعقوب بن سفيان في (تاريخه) هذا الحديث من رواية قبيصة عن الثوري: (عن أبي إسحاق قال: بعث ابن الزبير إلى عبد الله بن يزيد الخطمي: أن استسق بالناس، فخرج وخرج الناس معه، وفيهم زيد بن أرقم والبراء بن عازب)، وخالفه عبد الرزاق عن الثوري فقال فيه: (ان ابن الزبير خرج يستسقي بالناس..) الحديث. وقوله: (إن ابن الزبير هو الذي فعل ذلك) وهم، وإنما الذي فعله هو عبد الله بن يزيد بأمر ابن الزبير، وفي (سنن الكجي) ما يدل على أن الذي صلى بهم ذلك اليوم هو زيد بن أرقم.
3201 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني عباد بن تميم أن عمه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي لهم فقام فدعا الله قائما ثم توجه قبل القبلة وحول رداءه فأسقوا.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (فقام فدعا الله قائما)، وقد مضى هذا الحديث في: باب تحويل الرداء في الاستسقاء، أخرجه هنا: عن أبي اليمان الحكم بن نافع الحمصي عن شعيب بن أبي حمزة الحمصي عن محمد بن مسلم الزهري عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد، رضي الله تعالى عنه. قوله: (قبل القبلة)، بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي: جهة القبلة. قوله: (فاسقوا)، بضم الهمزة والقاف على بناء المجهول، وأصله: اسقيوا، استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى ما قبلها بعد حذف حركتها، فصار: اسقوا، على وزن: افعوا. ويروى: (فسقوا)، على بناء المجهول أيضا وإعلاله مثل إعلال: اسقوا، لكن الأول من المزيد وهو: الاستسقاء، والثاني من المجرد وهو: السقي.
61 ((باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء)) أي: هذا باب في بيان الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء.
4201 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (يجهر فيهما بالقراءة)، وقد مضى هذا الحديث في: باب تحويل الرداء في الاستسقاء، غير أن هنا زاد قوله: (ويجهر فيهما بالقراءة). قوله: (يجهر) في محل النصب على الحال ورواية كريمة هكذا: (يجهر) بلفظ المضارع، ورواية الأصيلي (جهر)، بلفظ الماضي.
وأبو نعيم الفضل بن دكين، وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب.
وفيه: الدلالة على أن الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة لأن: ثم، للترتيب وهو قول عمر بن عبد العزيز والليث بن سعد، وروي ذلك عن عمر وابن الزبير والبراء بن عازب وزيد بن أرقم. وقال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد: الصلاة قبل الخطبة. وقال الطحاوي: وفي حديث أبي هريرة أنه خطب بعد الصلاة، فوجدنا الجمعة فيها خطبة وهي قبل الصلاة، ورأينا العيدين فيهما الخطبة وهي بعد الصلاة، وكذلك كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل فينظر في خطبة الاستسقاء بأي الخطبتين أشبه فنعطف حكمها على حكمها، فالجمعة فرض وكذلك خطبتها، وخطبة العيد ليست كذلك، لأنها تجوز بغير الخطبة، وكذلك صلاة الاستسقاء تجوز وإن لم يخطب، غير أنه إذا تركها أساء، فكانت بخطبة العيدين أشبه منها بخطبة الجمعة، فدل ذلك أنها بعد الصلاة. ومن فوائد الحديث: الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء، وهو مما أجمع عليه الفقهاء، وقد مر غير مرة.