ذكر رجاله: وهم خمسة قد ذكروا كلهم، وعلي بن عبد الله بن المدينة، وسفيان بن عيينة، وعمرو بن دينار وأبو الشعثاء، بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة وبالثاء المثلثة وبالمد: وهو كنية جابر بن زيد، وقد مر في: باب الغسل بالصاع.
والحديث أخرجه في: باب المواقيت، في: باب تأخير الظهر إلى العصر، عن أبي النعمان عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، صلى بالمدينة سبعا وثمانيا: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة، قال: عسى، وقد مر الكلام فيه مستقصى هناك.
13 ((باب صلاة الضحى في السفر)) أي: هذا باب في بيان صلاة الضحى حال كون الذي يصلي في السفر، والضحى، بالضم والقصر: فوق الضحوة، وهي ارتفاع أول النهار، و: الضحاء، بالفتح والمد هو إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده.
5711 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن توبة عن مورق قال قلت ل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أتصلي الضحى قال لا قلت فعمر قال لا قلت فأبو بكر قال لا قلت فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لا إخاله.
قال ابن بطال: ليس هذا الحديث من هذا الباب، وإنما يصلح في: باب من لم يصل الضحى، وأظنه من غلط الناسخ، وقال الكرماني: هذا الحديث إنما يليق بالباب الذي بعده لا بهذا الباب، وقال غيرهما: إن في توجيه ذلك ما فيه من التعسفات التي لا تشفي العليل، ولا تروي الغليل، حتى قال بعضهم: يظهر لي أن البخاري أشار بالترجمة المذكورة إلى ما رواه أحمد من طريق الضحاك بن عبد الله القرشي (عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صلى في السفر سبحة الضحى ثمان ركعات)، فأراد أن تردد ابن عمر في كونه صلاها أولا، لا يقتضي رد ما جزم به أنس، بل يؤيده حديث أم هانىء في ذلك. انتهى. قلت: لو ظهر له توجيه هذه الترجمة على وجه يقبله السامع لما قال قولا تنفر عنه سجية ذوي الأفهام، فليت شعري كيف يقول: إن البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث أنس الذي فيه الإثبات المقيد، وحديث الباب الذي فيه النفي المطلق؟ ثم يقول: فأراد أن تردد ابن عمر.. إلى آخره؟ فكيف يقول: إنه تردد؟ بل جزم بالنفي فيقتضي ظاهرا رد ما جزم به أنس بالإثبات. فمن له نظر ومعرفة بهيئة التركيب. كيف يقول بأن ابن عمر تردد في هذا؟ والتردد لا يكون إلا بين النفي والإثبات. وهو قد جزم بالنفي مع تكرار حرف النفي أربع مرات، ويمكن أن يوجه وجه بالاستئناس بين الترجمة وحديثي الباب اللذين أحدهما: عن ابن عمر، والآخر عن أم هانىء، رضي الله تعالى عنهم، بأن يقال: معنى الترجمة: باب صلاة الضحى في السفر هل يصلي أو لا؟ فذكر حديث ابن عمر إشارة إلى النفي مطلقا، وحديث أم هانىء إشارة إلى الإثبات مطلقا، ثم يبقى طلب التوفيق بين الحديثين، فيقال: عدم رؤية ابن عمر من الشيخين ومن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى لا يستلزم عدم الوقوع منهم في نفس الأمر، أو يكون المراد من نفي ابن عمر نفي المداومة لا نفي الوقوع أصلا، ونظير ذلك ما قالت عائشة في حديثها المتفق عليه: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها)، وفي رواية: (لاستحبها)، ومع هذا ثبت عنها في (صحيح مسلم) أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى أربعا، فمرادها من النفي عدم المداومة. وحكى النووي في (الخلاصة) عن العلماء: أن معنى قول عائشة، رضي الله تعالى عنها: (ما رأيته يسبح سبحة الضحى)، أي: لم يداوم عليها، وكان يصليها في بعض الأوقات فتركها في بعضها خشية أن تفرض. قال: وبهذا يجمع بين الأحاديث. فإن قلت: يعكر على هذا ما روي عن ابن عمر من الجزم بكونها محدثة، وكونها بدعة أما الأول: فما رواه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال: إنها محدثة، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا. وأما الثاني: فما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج، قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى؟ فقال: بدعة، نعمت البدعة. قلت: أجاب القاضي عنه: أنها بدعة، أي: ملازمتها وإظهارها في المساجد مما لم يكن يعهد، لا سيما وقد قال: ونعمت البدعة، قال: وروي عنه: ما ابتدع المسلمون بدعة أفضل من صلاة الضحى، كما قال عمر في صلاة التراويح: لا إنها بدعة