عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٦٨
حاكم فيها إيجادا وإعداما يفعل ما يشاء، وكل هذه نعم من الله تعالى على عباده، فلهذا قرن كلا منها بالحمد. وخص الحمد به، ثم قوله: (أنت الحق) إشارة إلى المبدأ والقول، ونحوه إلى المعاش والساعة إلى المعاد.
وفيه: إشارة إلى النبوة وإلى الجزاء ثوابا وعقابا. وفيه: وجوب الإيمان والإسلام والتوكل والإنابة والتضرع إلى الله تعالى والاستغفار وغيره انتهى. ويقال: وفيه: زيادة معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بعظمة ربه وعظم قدرته ومواظبته على الذكر والدعاء والثناء على ربه، والاعتراف لله بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده. وفيه: استحباب تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب اقتداء به صلى الله عليه وسلم.
قال سفيان وزاد عبد الكريم أبو أمية ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال سفيان قال سليمان بن أبي مسلم سمعه طاووس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم سفيان هو ابن عيينة المذكور في سند الحديث، وقيل: هذا موصول بالإسناد الأول، ووضع المزي على هذا علامة التعليق، وأبو أمية كنية عبد الكريم بن أبي المخارق البصري، وأبو المخارق اسمه: قيس، وقال الحافظ المنذري: قد استشهد البخاري بابن أبي المخارق هذا في: باب التهجد بالليل، فقال: وقال سفيان يعني ابن عيينة، وزاد عبد الكريم أبو أمية: (ولا حول ولا قوة إلا بالله). وقال المقدسي في كتاب (رجال الصحيحين): فيمن اسمه عبد الكريم بن أبي المخارق: سمع مجاهدا في الحج، روى عن سفيان بن عيينة، وهو حديث واحد عندهما عن مجاهد عن ابن أبي ليلي (عن علي، رضي الله تعالى عنه، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أقسم جلودها وجلالها، وأمرني أن لا أعطي الجازر منها، وقال: نحن نعطيه من عندنا). فهذا كما رأيت كلام المنذري يقوي ما مال إليه المزي من أنه معلق، وأن عبد الكريم استشهد به البخاري، وكلام المقدسي يصرح بأنه من رجال البخاري، وبهذا يرد ما قاله بعضهم: وليس لعبد الكريم هذا في (صحيح البخاري) إلا هذا الموضع، ولم يقصد البخاري التخريج له، فلأجل ذلك لا يعدونه من رجاله، وإنما وقعت عنه زيادة في الخبر غير مقصودة بذاتها. قلت: بين كلامه هذا وبين قوله فيما مضى: هذا موصول بالإسناد الأول، تناقض لا يخفى. قوله: (قال سفيان) هو ابن عيينة أيضا. قال سليمان بن أبي مسلم... إلى آخره، وأراد سفيان بذلك بيان سماع سليمان له من طاووس لأنه أولا أورده بالعنعنة، وصرح بذلك أيضا الحميدي في (مسنده): عن سفيان قال: حدثنا سليمان الأحول خال ابن أبي نجيح: سمعت طاووسا.. فذكر الحديث، وقال في آخره: قال سفيان، وزاد في رخره عبد الكريم: (ولا حول ولا قوة إلا بك)، فيه لم يقلها سليمان، وفي (التلويح): وفي نسخة سمعته من طاووس وعلي بن خشرم، ولم يذكره أحد من رجال البخاري، رحمه الله، وإنما ذكر في رجال مسلم، والله تعالى أعلم.
2 ((باب فضل قيام الليل)) أي: هذا باب في بيان قيام الليل، وهو الصلاة في الليل.
1211 حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا هشام قال أخبرنا معمر (ح) وحدثني محمود قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأي رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت غلاما شابا وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطي البئر وإذا لها قرنان وإذا فيها أناس قد عرفتهم فجعلت أقول أعوذ بالله من النار. قال فلقينا ملك آخر فقال لي لم ترع.
. فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله فقال نعم الرجل عبد الله
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»