ابن حنبل: مضطرب الحديث، وضعفه ابن معين، وقال الساجي: صدوق وعنده مناكير، وقال أبو حاتم: كان شيخا صالحا وكثر وهمه، ومطر الوراق كان سيىء الحفظ حتى كان يشبه في سوء الحفظ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد عيب على مسلم إخراج حديثه.
8 ((باب من سجد لسجود القارىء)) أي: هذا باب في بيان حكم من سجد للتلاوة لأجل سجود القارئ، وحكمه أنه ينبغي أن يسجد لسجود القارئ حتى قال ابن بطال: أجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد، كذا أطلق، ولكن فيه خلاف، وقد ذكرنا فيما مضى أنهم اختلفوا في السامع الذي ليس بمستمع، وهو الذي لم يقصد الاستماع، ولم يجلس له فقال الشافعي في (مختصر البويطي): لا أؤكده وإن سجد فحسن، وعند الحنفية: يجب على القارئ والسامع والمستمع، وقد ذكرنا دلائلهم عن قريب، وقال بعضهم: في الترجمة إشارة إلى أن القارئ إذا لم يسجد لم يسجد السامع. قلت: ليس كذلك، لأن تعلق السجدة بالسامع، سواء كان من حيث الوجوب أو من حيث السنية، لا يتعلق بسجدة القارئ، بل بسماعه يجب عليه أو يسن على الخلاف، وسواء في ذلك سجود القارئ وعدمه.
وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم وهو غلام فقرأ عليه سجدة فقال إسجد فإنك إمامنا فيها تميم، بفتح التاء المثناة من فوق، وحذلم، بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفتح اللام: أبو سلمة الضبي وهو تابعي روى عنه ابنه أبو الخير، وفي (تذهيب التهذيب): تميم بن حذلم الضبي أبو سلمة، أدرك أبا بكر وعمر وصحب ابن مسعود وروى عنه إبراهيم النخعي وسماك بن سلمة الضبي والعلاء بن بدر وآخرون، وروى له البخاري في (كتاب الأدب)، وهذا التعليق وصله سعيد بن منصور من رواية مغيرة (عن إبراهيم قال: قال تميم بن حذلم: قرأت القرآن على عبد الله وأنا غلام فمررت بسجدة فقال عبد الله: أنت إمامنا فيها). وروى ابن أبي شيبة في (مصنفه) نحوه حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن أبي إسحاق (عن سليم ابن حنظلة، قال: قرأت على عبد الله بن مسعود سورة بني إسرائيل، فلما بلغت السجدة قال عبد الله: إقرأها فإنك إمامنا فيها). وقال البيهقي: حدثنا علي بن محمد بن بشران أخبرنا أبو جعفر الرازي حدثنا إسحاق الأزرق حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن سليم بن حنظلة، قال: قرأت السجدة عند ابن مسعود، فنظر إلي فقال: أنت إمامنا فاسجد نسجد معك، وفي (سنن سعيد بن منصور) من حديث إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبي هريرة: (قرأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم سجدة فلم يسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت قرأت، ولو سجدت سجدنا معك). وروى البيهقي من حديث عطاء بن يسار قال: (بلغني أن رجلا قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن فيها سجدة، فسجد الرجل وسجد النبي صلى الله عليه وسلم معه، ثم قرأ آخر آية فيها سجدة عند النبي صلى الله عليه وسلم، فانتظر الرجل أن يسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد، فقال الرجل: يا رسول الله قرأت السجدة فلم تسجد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أنت إمامنا فيها، فلو سجدت سجدنا معك). قوله: (وهو غلام) جملة حالية. قوله: (فقال) أي: في السجدة، ومعنى قوله: (إمامنا) أي: متبوعنا، لتعلق السجدة بنا من جهتك أسجد أنت نسجد نحن أيضا، وليس معناه: إن لم تسجد لا نسجد، وذلك لأن السجدة كما تتعلق بالتالي تتعلق بالسامع، فإن لم يسجد التالي لا تسقط عن السامع، وهذا مذهب أصحابنا. وقالت المالكية: يسجد المستمع من دون السامع. وقالت الحنابلة: لا يسجد المستمع إلا إذا سجد القارئ، وقال البيهقي في (الخلافيات): إذا لم يسجد التالي فلا يسجد السامع في أصح الوجهين، فإن كان القارئ لها في الصلاة يسجد إن كان منفردا أو إماما ويسجد السامع له إن كان مأموما معه وسجد إمامه، فإن لم يسجد إمامه لم يسجد بلا خلاف، فإن سجد بطلت صلاته عندهم. وعند أبي حنيفة: يسجد بعد فراغه من الصلاة بناء على أصله، فإن سجدها في الصلاة لا تبطل، ولم تجزه عن الوجوب