الصلاة: بقل هو الله أحد، يقرأ سورة أخرى بعد فراغه، من: قل هو الله أحد، وكان يفعل ذلك ذلك في كل ركعة، وهذا هو الجمع بين السورتين في ركعة.
ذكر رجاله: وهم ثلاثة: الأول: عبيد الله بن عمر بن حفص عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهم، وقد تكرر ذكره. الثاني: ثابت البناني. الثالث: أنس بن مالك. وهذا تعليق بصيغة التصحيح وصله الترمذي في (جامعه) عن محمد بن إسماعيل البخاري: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني عبد العزير بن محمد عن عبيد الله بن عمرو عن ثابت عن أنس، رضي الله تعالى عنه، فذكره بنحوه، وقال: صحيح غريب من حديث عبيد الله عن ثابت.
ذكر معناه: قوله: (كان رجل من الأنصار) هو كلثوم بن هدم، كذا ذكره أبو موسى في (كتاب الصحابة)، والهدم، بكسر الهاء وسكون الدال: وهو من بني عمرو بن عوف سكان قباء، وعليه نزل النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم في الهجرة إلى قباء، وقيل: هو قتادة بن النعمان، وليس بصحيح، فإن في قصة قتادة أنه كان يقرؤها في الليل يرددها، ليس فيه أنه أم بها، لا في سفر ولا في حضر، ولا أنه سئل عن ذلك ولا بشر. قوله: (سورة يقرؤها) سورة، بالنصب لأنه مفعول: يفتتح، ويقرأ، في محل النصب لأنه صفة لسورة. قوله: (مما يقرأ به) أي: كلماافتتح بسورة افتتح بسورة: قل هو الله أحد، لا يقال: إذا افتتح بالسورة، كيف يكون الافتتاح: بقل هو الله أحد؟ لأن المراد إذا أراد الافتتاح بسورة افتتح أولا بسورة: قل هو الله أحد. قوله: (معها) أي: مع قل هو الله أحد. قوله: (فكان يصنع ذلك)، أي: الذي ذكره مع أنه، إذا افتتح بسورة افتتح أولا بقل هو الله أحد. قوله: (إنها لا تجزيك) أي: إن السورة التي تفتتح بها لا تجزيك، بفتح التاء ويروى بضم التاء، فالأول من: جزى يجزي أي: كفى، والثاني من: الإجزاء. قوله: (أن تدعها) أي: تتركها وتقرأ سورة أخرى غير قل هو الله أحد. قوله: (أخبروه الخبر)، وهو المعهود من ملازمته لقراءة سورة قل هو الله أحد. قوله: (ما يأمرك به أصحابك) معناه: ما يقول لك أصحابك، لأنه ليس هنا أمر مصطلح، لأن الأمر هو قول القائل لغيره: إفعل، على سبيل الاستعلاء. وقول الكرماني: إن الاستعلاء في الأمر لا يشترط غير موجه، وأما صورة الأمر الذي لا استعلاء فيه لا يسمى أمرا، وإنما يسمى التماسا، وكلمة: (ما) في: (ما يأمرك به) موصولة. وفي قوله: (ما يحملك؟) استفهامية، ومعناه: ما الباعث لك في التزام ما لا يلزم من قراءة سورة: قل هو الله أحد، في كل ركعة؟ قوله: (قال إني أحبها) أي: أحب سورة: قل هو الله أحد، وهو جواب لسؤال رسول الله، صلى الله عليه وسلم. فإن قلت: السؤال شيئان، والجواب عن أيهما؟ فإن قلت: عن الثاني، ولا يكون عن الأول أيضا لأنهم خيروه بين قراءته لها فقط وقراءة غيرها. فلا يصح أن يقول: محبتي لها هو المانع من اختياري قراءتها فقط، وإنما ما أجاب عن الأول فقط لأنه يعلم منه، فكأنه قال: أقرؤها لمحبتي لها، وااقرأ سورة أخرى إقامة للسنة كما هو المعهود في الصلاة، فالمانع مركب من المحبة وعهد الصلوات. قوله: (حبك إياها) أي: حبك لسورة قل هو الله أحد، والحب مصدر مضاف إلى فاعله، وارتفاعه بالابتداء وخبره. قوله: (أدخلك الجنة) ومعناه: يدخلك الجنة، لأن الدخول في المستقبل، ولكنه لما كان محقق الوقوع فكأنه قد وقع فأخبر بلفظ الماضي.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: جواز الجمع بين السورتين في ركعة واحدة، وعليه جزء من التبويب، وإليه ذهب سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعلقمة وسويد بن غفلة وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية، ويروى ذلك عن عثمان وحذيفة وابن عمر وتميم الداري، رضي الله تعالى عنهم. وقال قوم، منهم الشعبي وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبو العالية رفيع بن مهران: لا ينبغي للرجل أن يزيد في كل ركعة من صلاته على سورة مع فاتحة الكتاب، واحتجوا في ذلك بما رواه عبد الرزاق في (مصنفه): عن هشيم عن يعلى بن عطاء عن ابن لبيبة قال: قلت لابن عمر أو قال غيري: إني قرأت المفصل في ركعة. قال: أفعلتموها؟ إن الله تعالى لو شاء لأنزله جملة واحدة، فأعطوا كل سورة حظها من الركوع والسجود). وأخرجه الطحاوي أيضا من حديث يعلى بن عطاء، قاال: سمعت ابن لبيبة، قال: (قال رجل لابن عمر: إني قرأت المفصل في ركعة، أو قال: في ليلة. فقال ابن عمر: إن الله تبارك وتعالى لو شاء لأنزله جملة واحدة، ولكن فصله ليعطي كل سورة حظها من الركع والسجود). وأخرجه الطحاوي أيضا من حديث يعلى بن عطاء. وابن لبيبة: هو عبد الرحمن بن نافع بن لبيبة الحجازي، وثقه ابن حبان، وأجيب عن هذا بأن حديث ابن مسعود الآتي ذكره عن قريب وحديث عائشة