عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٣٤
(أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر). ورواه ابن حبان في (صحيحه) ولفظه: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ الفاتحة وما تيسر). ورواه أحمد وأبو يعلى في (مسنديهما) وروى ابن عدي من حديث ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجزىء المكتوبة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات فصاعدا). وروى أبو نعيم في (تاريخ أصبهان) من حديث أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشئ معها). وقد عمل أصحابنا بكل الحديث حيث أوجبوا قراءة الفاتحة وضم سورة أو ثلاث آيات معها، لأن هذه الأخبار أخبار آحاد فلا تثبت بها الفرضية، وليس الفرض عندنا إلا مطلق القراءة. لقوله تعالى: * (فاقرؤا ما تيسر من القرآن) * (المزمل: 20). فأمر بقراءة ما تيسر من القرآن مطلقا، وتقييده بالفاتحة زيادة على مطلق النص، وذا لا يجوز فعملنا بالكل وأوجبنا قراءة الفاتحة وضم سورة أو ثلاث آيات معها، وقلنا: إن قوله: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) مثل معنى قوله: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)، وصح أيضا عن جماعة من الصحابة إيجاب ذلك، وقال بعضهم: وفي الحديث أن من لم يقرأ الفاتحة لم تصح صلاته، قلنا: لا تبطل صلاته، فإن تركها عامدا فقد أساء، وءن تركها ساهيا فعليه سجدة السهو. فإن قلت: ليس في حديث الباب حد في الزيادة؟ قلت: قد بينها في حديث ابن عمر المذكور آنفا.
105 ((باب الجهر بقراءة صلاة الصبح)) أي: هذا باب في بيان الجهر بقراءة صلاة الصبح، وهو رواية أبي ذر، ولغيره: لصلاة الفجر، وفي بعض النسخ: باب الجهر بقراءة الصبح.
وقالت أم سلمة طفت وراء الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي ويقرأ بالطور قد ذكرنا في أول الباب الذي قبله أن هذا التعليق أسنده البخاري في كتاب الحج، وسيجئ بيانه إن شاء الله تعالى. قوله: (والنبي صلى الله عليه وسلم)، الواو فيه للحال، وكذا في قوله: (ويقرأ بالطور)، أي: بسورة الطور. وقال ابن الجوزي: يحتمل أن تكون الباء بمعنى: من، كقوله تعالى: * (عينا يشرب بها عباد الله) * (الإنسان: 6). أي: يشرب منها. قلت: فعلى هذا يحتمل أن تكون قراءته من بعد الطور لا الطور كلها، ولكن الذي قصد به البخاري ههنا إثبات جهر القراءة في صلاة الصبح، لأن أم سلمة سمعت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهي وراء الناس، وأما كون هذه الصلاة صلاة الصبح فقد بينا وجهه في أول الباب الذي قبله.
7773 حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم فقالوا حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا ما حال بينكم وبين خعبر السماء إلا شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدين ألى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء فهنالك حين رجعوا إلى قومهم وقالوا يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا فأنزل الله تعالى عل نبيه صلى الله عليه وسلم قل أوحي إلي وإنما أوحي إليه قول الجن. (الحديث 773 طرفه في: 4921).
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»