عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٢٧٩
فقلت له غيرتم والله فقال أبا سعيد قد ذهب ما تعلم فقلت ما أعلم والله خير مما لا أعلم فقال إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة..
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن المذكور فيه خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصلى العيد بغير منبر يحمل معه ولا معد له هناك قبل خروجه.
ذكر رجاله: وهم خمسة قد ذكروا كلهم لأن الإسناد بعينه قد تقدم في: باب ترك الحائض الصوم، لأنه ذكر أول الحديث هناك مختصرا. ومحمد بن جعفر هو ابن أبي كثير. ورجاله كلهم مدنيون. وقوله: عن أبي سعيد، في رواية عبد الرزاق: عن داود بن قيس عن عياض، قال: سمعت أبا سعيد، وكذا أخرجه أبو عوانة من طريق ابن وهب عن داود.
ذكر معناه: قوله: (إلى المصلى)، بضم الميم: هو موضع بالمدينة معروف، بينه وبين باب المسجد ألف ذراع، قاله عمر ابن شيبة في (أخبار المدينة) عن أبي غسان الكتاني صاحب مالك، رحمه الله. قوله: (فأول شيء) ارتفاع أول على أنه مبتدأ وقوله: (الصلاة)، خبره ولفظ: أول، وإن كان نكرة فقد تخصص بالإضافة، والأولى أن تكون: الصلاة، مبتدأ. وأول، خبره، وقوله: (يبدأ به) جملة في محل الجر لأنها صفة لشيء. قوله: (ثم ينصرف) أي: من الصلاة. قوله: (فيقوم مقابل الناس) أي: مواجها لهم، وفي رواية ابن حبان من طريق داود بن قيس: (فينصرف إلى الناس قائما في مصلاه). وروى ابن خزيمة في مختصره: (خطب يوم عيد على رجليه). قوله: (والناس جلوس)، جملة اسمية وقعت حالا، و: جلوس، جمع جالس. قوله: (فيعظهم) من: وعظ يعظ وعظا وعظة، و: (يوصيهم) من: وصى يوصي توصية، ومعنى: يعظهم: يخوفهم بعواقب الأمور، ومعنى يوصيهم في حق الغير: لينصحوا لهم، ومعنى: (يأمرهم) يأمر بالحلال والحرام. قوله: (فإن كان يريد) أي: النبي صلى الله عليه وسلم إن كان يريد في ذلك الوقت (أن يقطع بعثا) أي: أن يفرد قوما من غيرهم بعثهم إلى الغزو، والبعث، بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة بمعنى المبعوث وهو: الجيش. قوله: (قطعه) أي: أفرده، والضمير المنصوب يرجع إلى البعث. قوله: (أو يأمر بشيء) بالنصب أي: أو إن كان يريد أن يأمر بشيء مما يتعلق بالبعث لأمر به، وليس هذا بتكرار لأن معناه غير معنى الأول على ما لا يخفى. قوله: (ثم ينصرف) أي: ثم هو ينصرف إلى المدينة. قوله: (قال أبو سعيد) هو أبو سعيد الخدري الراوي واسمه: سعد بن مالك. قوله: (على ذلك) أي: على الابتداء بالصلاة والخطبة بعدها. قوله: (حتى خرجت مع مروان) وهو ابن الحكم كان معاوية استعمله على المدينة، وقد مر ذكره في: باب البزاق في المسجد، وزاد عبد الرزاق عن داود ابن قيس وهو بيني وبين أبي مسعود، يعني: عقبة بن عمرو الأنصاري، يعني: مروان بيني وبين أبي مسعود. قوله: (وهو) أي: ومروان، والواو للحال. قوله: (أو فطر) شك من الراوي. قوله: (إذا منبر) كلمة: إذا، للمفاجأة وارتفاع: منبر، على أنه مبتدأ وخبره هو قوله: (بناه مروان)، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره: إذا منبر هناك، ويكون (بناء كثير)، جملة حالية، والعامل في: إذا، معنى المفاجأة، والمعنى: فاجأنا المنبر زمان الإتيان. وقيل: إذا، حرف لا يحتاج إلى عامل. قوله: (كثير بن الصلت)، كثير ضد القليل والصلت، بالتاء المثناة من فوق، وهو كثير بن الصلت بن معاوية الكندي، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقدم المدينة هو وأخوته بعده، فسكنها وحالف بني جميح، وروى ابن سعد بإسناد صحيح إلى نافع قال: كان اسم كثير بن الصلت قليلا، فسماه عمر كثيرا، ورواه أبو عوانة فوصله بذكر ابن عمر ورفعه بذكر النبي صلى الله عليه وسلم، والأول أصح. وقال الذهبي في (تجريد الصحابة): كثير بن الصلت بن معدي كرب الكندي أخو زبيد، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم روى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن كثير بن الصلت كان اسمه: قليلا فسماه النبي كثيرا. الأصح أن الذي سماه كثيرا عمر، رضي الله تعالى عنه. انتهى. وقد صح سماع كثير من عمرو من بعده. وقال العجلي: هو تابعي مدني ثقة. وكان له شرف وحال جميلة في نفسه، وله دار كبيرة بالمدينة في المصلى وقبلة المصلى في العيدين إليها، وكان كاتبا لعبد الملك بن مروان على الرسائل، وهو ابن أخي جمد، بفتح الجيم وسكون الميم أو فتحها: أحد ملوك كندة الذين قتلوا في الردة، وقد ذكر ابن منده: الصلت، في الصحابة. وقال الذهبي: والصلت أبو زبيد الكندي مختلف في صحبته، وروى عنه ابنه زبيد، وكثير. قوله: (أن يرتقيه) أي: يريد أن يصعد إليه، و: أن، مصدرية. قوله: (فجبذت بثوبه) الجابذ هو أبو سعيد الخدري إنما جبذه ليبدأ بالصلاة قبل
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»