ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد والإخبار كذلك في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في أربعة مواضع. وفيه: أن شيخه من أفراده وهو بغدادي، وسعيد وهشيم واسطيان وعبيد الله مدني. وفيه: روى سعيد بن سليمان عن هشيم وتابعه أبو الربيع الزهري عند الإسماعيلي وجبارة بن المغلس عند ابن ماجة. قاال: حدثنا جبارة بن المغلس حدثنا هشيم عن عبيد الله ابن أبي بكر (عن أنس بن مالك قال: كان النبي، صلى الله عليه وسلم، لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم تمرات). ورواه عن هشيم قتيبة عند الترمذي وأحمد بن منيع عند ابن خزيمة وأبو بكر بن أبي شيبة عند ابن حبان وعمرو بن عون عند الحاكم، فقالوا كلهم: عن هشيم عن محمد بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله ابن أنس، وأعله الإسماعيلي بأن هشيما مدلس، وقد اختلف عليه. فيه، وابن إسحاق ليس من شرط البخاري. قلت: هشيم صرح هنا بالإخبار فأمن تدليسه على أن البخاري نزل فيه درجة، لأن سعيد بن سليمان من شيوخه، وقد أخرج هذا الحديث عنه بواسطة لكونه لم يسمعه منه. وقال صاحب (التوضيح): هذا الحديث من أفراد البخاري قلت: ليس كذلك، لأن ابن ماجة أخرجه أيضا كما ذكرناه عن قريب.
ذكر معناه: قوله: (كان لا يغدو) وفي لفظ ابن ماجة: (لا يخرج)، وفي لفظ ابن حبان والحاكم: (ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات). قوله: (حتى يأكل تمرات) وفي رواية ابن ماجة: (حتى يطعم تمرات)، وفي لفظ ابن حبان: (حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر وترا). وفي لفظ أحمد: (ويأكلهن أفرادا).
ذكر ما يستفاد منه: فيه: أن السنة لا يخرج إلى المصلى يوم عيد الفطر إلا بعد أن يطعم تمرات وترا وله شواهد: منها: حديث بريدة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع). أخرجه الترمذي وابن ماجة وفي لفظ البيهقي: (فيأكل من كبد أضحيته). ومنها: حديث ابن عمر: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى تغدى الصحابة من صدقة الفطر)، أخرجه ابن ماجة، وفي سنده عمرو بن صهبان وهو متروك. ومنها: حديث أبي سعيد الخدري قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى)، أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه) والبزار في مسنده، وزاد: (فإذا خرج صلى ركعتين للناس، وإذا رجع صلى في بيته ركعتين، وكان لا يصلي قبل الصلاة شيئا يعني يوم العيد). وروى الترمذي، محسنا، عن الحارث (عن علي، رضي الله تعالى عنه، قال: من السنة أن يطعم الرجل يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى)، وأخرجه الدارقطني عنه وعن ابن عباس. وفي (الموطأ) (عن ابن المسيب: أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل قبل الغدو يوم الفطر)، وعن الشافعي: حدثنا إبراهيم بن محمد (أخبرني صفوان بن سليم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يطعم قبل أن يخرج إلى الجبانة ويأمر به). وهذا مرسل، وقد روي مرفوعا عن علي ورواه الشافعي بمعناه عن ابن المسيب وعروة بن الزبير (وعن السائب بن يزيد قال: مضت السنة أن يأكل قبل أن يغدو يوم الفطر) وعن أبي إسحاق (عن رجل من الصحابة أنه: كان يأمر بالأكل يوم الفطر قبل أن يأتي المصلى)، وحكاه عن معاوية ابن سويد بن مقرن وابن مغفل وعروة وصفوان بن محرز وابن سيرين وعبد الله بن شداد والأسود بن يزيد وأم الدرداء وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وتميم بن سلمة وأبي مخلد، وعن عبد الله بن نمير: (حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخرج إلى المصلى ولا يطعم شيئا)، وحدثنا هشيم (أخبرنا مغيرة عن إبراهيم قال: إن طعم فحسن وإن لم يطعم فلا بأس)، وحكاه الدارقطني عن ابن مسعود (إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل)، وعن النخعي مثله، وكان بعض التابعين يأمرهم بالأكل في الطريق، قال ابن المنذر: والذي عليه الأكثر استحباب الأكل. فإن قلت: ما الحكمة في استحباب التمر؟ قلت: قيل: لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم، وهو أيسر من غيره، ومن ثمة استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقا كالعسل، رواه ابن أبي شيبة عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما، وروى فيه حكمة أخرى عن ابن عون أنه سئل عن ذلك فقال: إنه يحبس البول. قلت: يحتمل أن يكون التعيين في التمر لكونه أيسر الموجود وأكثره وأكثر قوتهم مع ما فيه من الحلو. وقيل: الحكمة فيه أن النخلة ممثلة بالمسلم، وقيل: لأنها هي الشجرة الطيبة. وأما الحكمة في جعلهن وترا فلأنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر في جميع أموره استشعارا للوحدانية، وأما الحكمة في نفس الأكل قبل صلاة عيد الفطر