عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٢٦٩
قوله ' تغنيان ' جملة في محل الرفع على أنها صفة لجاريتين وزاد في رواية الزهري ' تدففان ' بفاءين أي تضربان بالدف وفي رواية مسلم عن هشام ' تغنيان بدف ' وفي رواية النسائي ' دفين ' والدف بضم الدال وفتحها والضم أشهر ويقال له أيضا الكربال بكسر الكاف وهو الذي لا جلاجل فيه فإن كانت فيه فهو المزهر ويأتي في الباب الذي بعده ' تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث ' أي قال بعضهم لبعض من فخر أو هجاء وسيأتي في الهجرة ' بما تعازفت ' بعين مهملة وزاي وفاء من العزف وهو الصوت الذي له دوي وفي رواية ' تقاذفت ' بقاف بدل العين وذال معجمة بدل الزاي من القذف وهو هجاء بعضهم لبعض وعند أحمد في رواية حماد بن سلمة عن هشام ' تذكران يوم بعاث ' يوم قتل فيه صناديد الأوس والخزرج قوله ' بغناء بعاث ' الغناء بكسر الغين المعجمة وبالمد قال الجوهري الغناء بالكسر من السماع وبالفتح النفع وقال ابن الأثير ولما يرد به الغناء المعروف من أهل اللهو واللعب وقد رخص عمر رضي الله تعالى عنه في غناء الأعراب وهو صوت كالحداء وبعاث بضم الباء الموحدة وتخفيف العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة والمشهور أنه لا ينصرف ونقل عياض عن أبي عبيدة بالغين المعجمة ونقل ابن الأثير عن صاحب العين خليل كذلك وكذا حكى عنه البكري في معجم البلدان وجزم أبو موسى في ذيل الغريب بأنه تصحيف وتبعه صاحب النهاية وقال أبو موسى وصاحب النهاية هو اسم حصن للأوس وفي كتاب أبي الفرج الأصفهاني في ترجمة أبي قيس بن الأسلت هو موضع في ديار بني قريظة فيه أموالهم وكان موضع الوقعة في مزرعة لهم هناك وقال الخطابي يوم بعاث يوم مشهور من أيام العرب كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج وبقيت الحرب مائة وعشرون سنة إلى الإسلام على ما ذكره ابن إسحاق وغيره وكان أول هذه الوقعة فيما ذكره ابن إسحاق وهشام ابن الكلبي وغيرهما أن الأوس والخزرج لما نزلوا المدينة وجدوا اليهود مستوطنين بها فحالفوهم وكانوا تحت قهرهم ثم غلبوا على اليهود لعنهم الله بمساعدة أبي جبلة ملك غسان فلم يزالوا على اتفاق بينهم حتى كانت أول حرب وقعت بينهم حرب سمير بضم السين المهملة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء بسبب رجل يقال له كعب من بني ثعلبة نزل على مالك بن العجلان الخزرجي فحالفه فقتله رجل من الأوس يقال له سمير فكان ذلك سبب الحرب بين الحيين ثم كانت بينهم وقائع من أشهرها يوم السرارة بمهملات ويوم فارع بفاء وراء وعين مهملة ويوم الفجار الأول والثاني وحرب حصين بن الأسلت وحرب حاطب بن قيس إلى أن كان آخر ذلك يوم بعاث وكان رئيس الأوس فيه حضير والد أسيد وكان يقال له حضير الكتائب وجرح يومئذ ثم مات بعد مدة من جراحته وكان رئيس الخزرج عمرو بن النعمان وجاءه سهم في القتال فصرعه فهزموا بعد أن كانوا قد استظهروا ولحسان وغيره من الخزرج وكذا لقيس بن الحطيم وغيره من الأوس في ذلك أشعار كثيرة مثبتة في دواوينهم قوله ' فاضطجع على الفراش ' وفي رواية الزهري ' أنه تغشى بثوبه ' وفي رواية لمسلم ' تسجى ' أي التف بثوبه قوله ' ودخل أبو بكر ' ويروى ' وجاء أبو بكر ' وفي رواية هشام بن عروة في الباب الذي بعده ' ودخل على أبو بكر وكأنه جاء زائرا لها بعد أن دخل على النبي بيته ' (قلت) يمكن أن يكون مجيئه لمنعه الجاريتين المذكورتين عن الغناء قوله ' فانتهرني ' أي زجرني وفي رواية الزهري ' فانتهرهما ' أي الجاريتين والتوفيق بينهما أنه نهر عائشة لتقريرها ذلك ونهرهما لفعلهما ذلك في بيت النبي قوله ' مزمارة الشيطان ' بكسر الميم يعني الغناء أو الدف وهمزة الاستفهام قبلها مقدرة وهي مشتقة من الزمير وهو الصوت الذي له صفير وسميت به الآلة المعروفة التي يرمز بها وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهي وتشغل القلب عن الذكر وفي رواية حماد بن سلمة عند أحمد ' فقال يا عباد الله المزمور عند رسول الله ' قال القرطبي ' المزمور ' الصوت وضبطه عياض بضم الميم وحكى فتحها وقال ابن سيده يقال زمر يزمر زميرا وزمرانا غنى في القصب وامرأة زامرة ولا يقال رجل زامر إنما هو زمار وقد حكى بعضهم رجل زامر وفي الجامع في الحديث ' نهى عن كسب الزمارة ' يريد الفاجرة وفي الصحاح ولا يقال للمرأة زمارة وفي كتاب ابن التين الزمر الصوت الحسن ويطلق على الغناء أيضا وجمع المزمار مزامير قوله ' فأقبل عليه ' أي على أبي بكر رضي الله تعالى عنه وفي رواية الزهري ' فكشف النبي عن وجهه ' وفي رواية فليح ' فكشف رأسه ' وقد مضى أنه كان ملتفا قوله ' فقال دعهما ' أي فقال
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»