لأتبين هل كانوا طالبين أم لا؟ فذكر الفزاري في (السنن) عن ابن عون: (عن رجاء عن ثابت بن السمط أو السمط بن ثابت قال: كانوا في السفر في خوف فصلوا ركبانا، فالتفت فرأى الأشتر قد نزل للصلاة، فقال: خالف خولف به، فجرح الأشتر في الفتنة). قال: فبان بهذا الخبر أنهم كانوا حين صلوا ركبانا لأن الإجماع حاصل على أن المطلوب لا يصلي إلا راكبا، وإنما اختلفوا في الطالب فقال ابن التين: صلاة ابن السمط ظاهرها إنها كانت في الوقت، وهو من قوله تعالى: * (رجالا أو ركبانا) * (البقرة: 239) [/ ح.
قوله: (كذلك الأمر) أي: أداء الصلاة على ظهر الدابة بالإيماء، وهو الشان والحكم عند خوف فوات الوقت أو فوات العدو أو فوات النفس. قوله: (واحتج الوليد) أي: الوليد المذكور، وقال بعضهم: معناه أن الوليد قوى مذهب الأوزاعي في مسألة الطالب بهذه القصة. قلت: لا يفهم من احتجاج الوليد بالحديث تقوية ما ذهب إليه الأوزاعي صريحا وإنما وجه الاستدلال به بطريق الأولوية، لأن الذين أخروا الصلاة حتى وصلوا إلى بني قريظة لم يعنفهم النبي صلى الله عليه وسلم مع كونهم فوتوا الوقت، فصلاة من لا يفوت الوقت بالإيماء أو كيف ما تمكن، أولى من تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها. وقال الداودي: احتجاج الوليد بحديث بني قريظة ليس فيه حجة ، لأنه قبل نزول صلاة الخوف قال: وقيل: إنما صلى شرحبيل على ظهر الدابة لأنه طمع في فتح الحصن، فصلى إيماء ثم فتحه. وقال ابن بطال: وأما استدلال الوليد بقصة بني قريظة على صلاة الطالب راكبا، فلو وجد في بعض طرق الحديث أن الذين صلوا في الطريق صلوا ركبانا لكان بينا، ولما لم يوجد ذلك احتمل أن يقال: إنه يستدل بأنه كما ساغ للذين صلوا في بني قريظة مع ترك الوقت، وهو فرض، كذلك ساغ للطالب أن يصلي في الوقت راكبا بالإيماء، ويكون تركه للركوع والسجود كترك الوقت ويقال: لا حجة في حديث بني قريظة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد سرعة سيرهم، ولم يجعل لهم بني قريظة موضعا للصلاة، ومذاهب الفقهاء في هذا الباب، فعند أبي حنيفة: إذا كان الرجل مطلوبا فلا بأس بصلاته سائرا، وإن كان طالبا فلا. وقال مالك وجماعة من أصحابه: هما سواء، كل واحد منهما يصلي على دابته. وقال الأوزاعي والشافعي في آخرين كقول أبي حنيفة، وهو قول عطاء والحسن والثوري وأحمد وأبي ثور وعن الشافعي: إن خاف الطالب فوت المطلوب أومأ وإلا فلا.
69 - (حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال حدثنا جويرية عن نافع عن ابن عمر قال قال النبي لنا لما رجع من الأحزاب لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها. وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر للنبي فلم يعنف واحدا منهم) مطابقته للترجمة من حيث أنه يدل على أن المطلوب إذا صلى في الوقت بالإيماء جاز كما أن الذين صلوا في بني قريظة مع ترك الوقت جاز لهم ذلك ولهذا لم يعنفهم النبي فعلى هذا فالجواز في المطلوب أقوى (فإن قلت) فيه ترك الركوع والسجود وهما فرضان (قلت) كذلك في صلاتهم في بني قريظة ترك الوقت والوقت فرض ولما ذكر البخاري احتجاج الوليد بحديث قصة بني قريظة ذكره مسندا عقيبه ليعلم صحة الحديث عنده وصحة الاستدلال به فافهم.
(ذكر رجاله) وهم أربعة. الأول عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد بن مخارق الضبعي البصري ابن أخي جويرية المذكور وهو مصغر جارية بالجيم ابن أسماء روى عنه مسلم أيضا مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. الثاني جويرية بن أسماء يكنى أبا مخراق البصري. الثالث نافع مولى ابن عمر. الرابع عبد الله بن عمر.
(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في موضعين وفيه القول في ثلاثة مواضع وفيه أن النصف الأول من الرواة بصريان والنصف الثاني مدنيان وفيه رواية الرجل عن عمه وفيه اسم أحد الرواة بالتصغير والحال أن أصل وضعه للأنثى. والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي وأخرجه مسلم أيضا في المغازي عن شيخ البخاري عن جويرية به (ذكر معناه) قوله ' من الأحزاب ' هي غزوة الخندق وقد أنزل الله فيها سورة الأحزاب وكانت في شوال