وفي (المغني): إن كانت الصلاة مغربا أو رباعية فهما واجبان فيهما على إحدى الروايتين، وهو مذهب الليث وإسحاق لأنه صلى الله عليه وسلم فعله وداوم عليه وأمر به في حديث ابن عباس بقوله: (قولوا التحيات لله) وجبره بالسجود حين نسيه، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وفي مسلم: عن عائشة، رضي الله تعالى عنها: (وكان يقول في كل ركعتين: التحية) وللنسائي من حديث ابن مسعود مرفوعا: (إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات..) الحديث، وحديث المسئ وحديث رفاعة الذي مضى، وروي عن عمر، رضي الله تعالى عنه، أنه كان يقول: من لم يتشهد فلا صلاة له. وحجة الجمهور هو قوله: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الركعتين، يعني قام إلى الثالثة وترك التشهد ولم يرجع إلى التشهد، ولو كان واجبا لوجب عليه التدارك حين علم تركه ما أتى به، بل جبره بسجود السهو. وقال التيمي: سجوده ناب عن التشهد والجلوس، ولو كانا واجبين لم ينب منابهما سجود السهو، كما لا ينوب عن الركوع وسائر الأركان، واحتج الطبري لوجوبه: بأن الصلاة فرضت أولا ركعتين، وكان التشهد فيها واجبا، فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك. وأجيب بأن الزيادة لم تتعين في الأخريين بل يحتمل، أن تكونا هما الفرض الأول والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما، ويؤيده استمرار السلام بعد التشهد الأخير كما كان، وفيه نظر يخفى.
829 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني عبد الرحمن بن هرمز مولى بني عبد المطلب وقال مرة مولى بني ربيعة بن الحارث أن عبد الله بن مالك ابن بحينة وهو من أزد شنوءة وهو حليف لبني عبد مناف وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام من الركعتين الأوليين لم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم..
مطابقته للترجمة ظاهرة، وهي أنه صلى الله عليه وسلم لما ترك التشهد الأول من صلاة الظهر الذي صلى بهم، لم يرجع إليه، فلو كان التشهد الأول واجبا لرجع إليه كما ذكرنا.
ذكر رجاله: وهم خمسة ذكروا: أبو اليمان الحكم بن نافع، وشعيب ابن أبي حمزة واسم أبي حمزة: دينار، والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعبد الرحمن بن هرمز، بالهاء والميم المضمومتين بينهما راء ساكنة: هو الأعرج، وعبد الله بن مالك ابن بحينة، بضم الموحدة وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون: وهو اسم أم عبد الله.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: أن الأولين من الرواة حمصيان والاثنان بعدهما مدنيان. وفيه: ذكر عبد الله ابن مالك باسم أبيه وبنسبته إلى أمه. وفيه: القول في أربعة مواضع. وفيه: شهادة الراوي التابعي أن عبد الله بن مالك من الصحابة. وفيه: ذكر الزهري عبد الرحمن بن هرمز أولا بمولى بني عبد المطلب، وثانيا بمولى بني ربيعة بن الحارث، ولا منافاة بينهما، لأنه ذكر أولا بجد مواليه الأعلى، وثانيا بمولاه الحقيقي، وهو ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وفيه: ذكر عبد الله بن مالك منسوبا إلى قبيلته وهو أزد شنوءة، وهي قبيلة مشهورة، وأزد، بفتح الهمزة وسكون الزاي بعدها الدال المهملة، وشنوءة، بفتح الشين المعجمة وضم النون وفتح الهمزة على وزن: فعولة. وفيه: أنه حليف لبني عبد مناف، وهو صحيح، لأن جده حالف المطلب بن عبد مناف.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الصلاة عن عبد الله بن يوسف وعن قتيبة وفي السهو عن قتيبة وفي النذور عن آدم. وأخرجه مسلم فيه عن يحيى بن يحيى وعن قتيبة ومحمد بن رمح وعن أبي الربيع الزهراني، وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي وعن عمرو بن عثمان. وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة وعن أبي الطاهر وعن يحيى بن حبيب وعن سويد بن نصر وعن أبي داود الحراني وعن إسماعيل بن مسعود