عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٣٩
الله عنها أنها قالت أنا أم رجالكم لا أم النساء * وهل يقال للنبي صلى الله عليه وسلم أبو المؤمنين فيه وجهان والأصح الجواز ونص عليه الشافعي أيضا أي في الحرمة ومعنى قوله تعالى * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) * لصلبه وعن الأستاذ أبي إسحاق أنه لا يقال أبونا وإنما يقال هو كأبينا لما روي أنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما أنا لكم كالوالد * السادس الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أخو أبي جهل لأبويه وابن عم خالد بن الوليد شهد بدرا كافرا فانهزم وأسلم يوم الفتح وحسن إسلامه وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين مائة من الإبل قتل باليرموك سنة خمس عشرة وكان شريفا في قومه وله اثنان وثلاثون ولدا منهم أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أحد الفقهاء السبعة على قول وليس في الصحابة الحارث بن هشام إلا هذا وإلا الحارث بن هشام الجهني روى عنه المصريون ذكره ابن عبد البر وقال بعض الشارحين هذا الحديث أدخله الحفاظ في مسند عائشة دون الحارث وليس للحارث هذا في الصحيحين رواية وإنما له رواية في سنن ابن ماجة فقط وعده ابن الجوزي فيمن روى من الصحابة حديثين مراده في غير الصحيحين وليس في الصحابة في الصحيحين من اسمه الحارث غير الحارث بن ربعي أبي قتادة على أحد الأقوال في اسمه والحارث بن عوف أبي واقد الليثي وهما بكنيتهما أشهر وأما خارج الصحيحين فجماعات كثيرون فوق المائة والخمسين قلت أدخل الإمام أحمد في مسنده الحارث بن هشام فإنه رواه عن عامر بن صالح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحارث بن هشام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث * واعلم أن الحارث قد يكتب بلا ألف تخفيفا وهشام بكسر الهاء وبالشين المعجمة (بيان لطائف إسناده) منها أن رجاله كلهم مدنيون خلا شيخ البخاري. ومنها أن فيه تابعيا عن تابعي. ومنها أن قولها سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل وجهين أحدهما أن تكون عائشة رضي الله عنها حضرته والآخر أن يكون الحارث أخبرها بذلك فعلى الأول ظاهر الاتصال وعلى الثاني مرسل صحابي وهو في حكم المسند. ومنها أن في الأول حدثنا عبد الله وفي الثاني أخبرنا مالك والبواقي بلفظة عن المسماة بالعنعنة قال القاضي عياض لا خلاف أنه يجوز في السماع من لفظ الشيخ أن يقول السامع فيه حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعته يقول وقال لنا فلان وذكر فلان وإليه مال الطحاوي وصحح هذا المذهب ابن الحاجب ونقل هو وغيره عن الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة وهو مذهب جماعة من المحدثين منهم الزهري ومالك وسفيان بن عيينة ويحيى القطان وقيل أنه قول معظم الحجازيين والكوفيين وقال آخرون بالمنع في القراءة على الشيخ إلا مقيدا مثل حدثنا فلان قراءة عليه وأخبرنا قراءة عليه وهو مذهب ابن المبارك وأحمد بن حنبل ويحيى بن يحيى التميمي والمشهور عن النسائي وصححه الآمدي والغزالي وهو مذهب المتكلمين وقال آخرون بالمنع في حدثنا والجواز في أخبرنا وهو مذهب الشافعي وأصحابه ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق ونقل عن أكثر المحدثين منهم ابن جريج والأوزاعي والنسائي وابن وهب وقيل أنه أول من أحدث هذا الفرق بمصر وصار هو الشائع الغالب على أهل الحديث والأحسن أن يقال فيه أنه اصطلاح منهم أرادوا التمييز بين النوعين وخصصوا قراءة الشيخ بحدثنا لقوة إشعاره بالنطق والمشافهة واختلف في المعنعن فقال بعضهم هو مرسل والصحيح الذي عليه الجماهير أنه متصل إذا أمكن لقاء الراوي المروي عنه وقال النووي ادعى مسلم إجماع العلماء على أن المعنعن وهو الذي فيه فلان عن فلان: محمول على الاتصال والسماع إذا أمكن لقاء من أضيفت العنعنة إليهم بعضهم بعضا يعني مع براءتهم من التدليس ونقل أي مسلم عن بعض أهل عصره أنه قال لا يحمل على الاتصال حتى يثبت أنهما التقيا في عمرهما مرة فأكثر ولا يكفي إمكان تلاقيهما وقال هذا قول ساقط واحتج عليه بأن المعنعن محمول على الاتصال إذا ثبت التلاقي مع احتمال الإرسال وكذا إذا أمكن التلاقي قال النووي والذي رده هو المختار الصحيح الذي عليه أئمة هذا الفن البخاري وغيره وقد زاد جماعة عليه فاشترط القابسي أن يكون قد أدركه إدراكا بينا وأبو المظفر السمعاني طول الصحبة بينهما (بيان تعدد الحديث ومن أخرجه غيره) قد رواه البخاري أيضا في بده الخلق عن فروة عن علي بن مسهر عن
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»