وهذا عن الفراء والقول مصدر تقول قال يقول قولا وقولة ومقالا ومقالة وقالا يقال أكثر القال والقيل وقرأ ابن مسعود رضي الله تعالى عنه * (ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون) * ويقال القال الابتداء والقيل الجواب وأصل قلت قولت بالفتح ولا يجوز أن يكون بالضم لأنه يتعدى ورجل قول وقوم قول ورجل مقول ومقوال وقولة مثل تؤدة وتقولة عن الفراء وتقوالة عن الكسائي أي ليس كثير القول والمقول اللسان والمقول القيل بلغة أهل اليمن وقلنا به أي قلناه (بيان الإعراب) قوله باب بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هذا باب ويجوز فيه التنوين بالقطع عما بعده وتركه للإضافة إلى ما بعده وقال بعض الشراح يجوز فيه باب بصورة الوقف على سبيل التعداد فلا إعراب له حينئذ وخدشه بعضهم ولم يبين وجهه غير أنه قال ولم تجيء به الرواية قلت لا محل للخدش فيه لأن مثل هذا استعمل كثيرا في أثناء الكتب يقال عند انتهاء كلام باب أو فصل بالسكون ثم يشرع في كلام آخر وحكمه حكم تعداد الكلمات ولا مانع من جوازه غير أنه لا يستحق الإعراب لأن الإعراب لا يكون إلا بعد العقد والتركيب ورأيت كثيرا من الفضلاء المحققين يقولون فصل مهما فصل لا ينون ومهما وصل ينون لأن الإعراب يكون بالتركيب وقوله لم تجيء به الرواية لا يصلح سندا للمنع لأن التوقف على الرواية إنما يكون في متن الكتاب أو السنة وأما في غيرهما من التراكيب يتصرف مهما يكون بعد أن لا يكون خارجا عن قواعد العربية * ووقع في رواية أبي ذر عن مشايخه الثلاثة هكذا كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ بدون لفظة باب (فإن قلت) ما يكون محل كيف من الإعراب على هذا الوجه قلت يجوز أن يكون حالا كما في قولك كيف جاء زيد أي على أي حالة جاء زيد والتقدير ههنا على أي حالة كان ابتداء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقول بعضهم ههنا والجملة في محل الرفع لا وجه له لأن الجملة من حيث هي لا تستحق من الإعراب شيئا إلا إذا وقعت في موقع المفرد وهو في مواضع معدودة قد بينت في موضعها وليس ههنا موقع يقتضي الرفع وإنما الذي يقتضي هو النصب على الحالية كما ذكرنا وهو من جملة تلك المواضع فافهم قوله صلى الله عليه وسلم جملة خبرية ولكنها لما كانت دعاء صارت إنشاء لأن المعنى اللهم صل على محمد وكذا الكلام في سلم قوله وقول الله تعالى يجوز فيه الوجهان الرفع على الابتداء وخبره قوله * (إنا أوحينا إليك) * الخ والجر عطف على الجملة التي أضيف إليها الباب والتقدير باب كيف كان ابتداء الوحي وباب معنى قول الله عز وجل وإنما لم يقدر وباب كيف قول الله لأن قول الله تعالى لا يكيف وقال بعض الشراح قال النووي في تلخيصه وقول الله مجرور ومرفوع معطوف على كيف قلت وجه العطف في كونه مجرورا ظاهر وأما الرفع كيف يكون بالعطف على كيف وليس فيه الرفع فافهم. قوله * (إليك) * في محل النصب على المفعولية قوله * (كما أوحينا) * كلمة ما ههنا مصدرية والتقدير كوحينا ومحلها الجر بكاف التشبيه قوله * (إلى نوح) * بالصرف وكان القياس فيه منع الصرف للعجمة والعلمية إلا أن الخفة فيها قاومت أحد السببين فصرفت لذلك وقوم يجرون نحوه على القياس فلا يصرفونه لوجود السببين واللغة الفصيحة التي عليها التنزيل (بيان المعاني) اعلم أن كيف متضمنة معنى همزة الاستفهام لأنه سؤال عن الحال وهو الاستفهام وقد يكون للإنكار والتعجب كما في قوله تعالى * (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا) * المعنى أتكفرون بالله ومعكم ما يصرف عن الكفر ويدعو إلى الإيمان وهو الإنكار والتعجب ونظيره قولك أتطير بغير جناح وكيف تطير بغير جناح قوله * (إنا أوحينا) * كلمة إن للتحقيق والتأكيد وقد علم أن المخاطب إذا كان خالي الذهن من الحكم بأحد طرفي الخبر على الآخر نفيا وإثباتا والتردد فيه استغنى عن ذكر مؤكدات الحكم وإن كان متصورا لطرفيه مترددا فيه طالبا للحكم حسن تقويته بمؤكد واحد من أن أو اللام أو غيرهما كقولك لزيد عارف أو إن زيدا عارف وإن كان منكرا للحكم الذي أراده المتكلم وجب توكيده بحسب الإنكار فكلما زاد الإنكار استوجب زيادة التأكيد فتقول لمن لا يبالغ في إنكار صدقك إني صادق ولمن بالغ فيه إني لصادق ولمن أوغل فيه والله إني لصادق ويسمى الضرب الأول ابتدائيا والثاني طلبيا والثالث إنكاريا ويسمى إخراج الكلام على هذه الوجوه إخراجا على مقتضى الظاهر وكثيرا ما يخرج على خلافه لنكتة من النكات كما عرف في موضعه والنكتة في تأكيد قوله * (أوحينا إليك) * بقوله إن لأجل الكلام السابق لأن الآية جواب لما تقدم من قوله تعالى * (يسألك
(١٥)