ابن الحارث حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أنسا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بمثله هذه الأسانيد الثلاثة رواتها كلهم بصريون وهذا من المستطرفات أن يجتمع ثلاثة أسانيد متصلة مسلسلون بغير قصد وقد سبق بيان مثله وشعبة واسطي بصرى سبق بيانه مرات وفي الطريق الثالث فائدة حسنة وهي أن قتادة صرح بالسماع من أنس بخلاف الأوليين وقتادة مدلس فينتفي أن يخاف من تدليسه بتصريحه بالسماع وقد سبق التنبيه على مثل هذا مرات وفي الحديث فوائد كثيرة منها استحباب قراءة القرآن على الحذاق فيه وأهل العلم به والفضل وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه ومنها المنقبة الشريفة لأبي بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعلم أحد من الناس شاركه في هذا ومنها منقبة أخرى له بذكر الله تعالى له ونصه عليه في هذه المنزلة الرفيعة ومنها البكاء للسرور والفرح مما يبشر الإنسان به ويعطاه من معالي الأمور وأما قوله آلله سماني لك فيه أنه يجوز أن يكون الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على رجل من أمته ولم ينص على أبي فأراد أبي أن يتحقق هل نص عليه أو قال على رجل فيؤخذ منه الاستثبات في المحتملات واختلفوا في الحكمة في قراءته صلى الله عليه وسلم على أبي والمختار أن سببها أن تستن الأمة بذلك في القراءة على أهل الاتقان والفضل ويتعلموا آداب القراءة ولا يأنف أحد من ذلك وقيل للتنبيه على جلالة أبي وأهليته لأخذ القرآن عنه وكان بعده صلى الله عليه وسلم رأسا وإمام في اقراء القرآن وهو أجل ناشرته أو من أجلهم ويتضمن معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأما تخصيص هذه السورة فلأنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته والاخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار والله أعلم باب فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظه للاستماع والبكاء عن القراءة والتدبر قال مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب جميعا عن حفص قال أبو بكر حدثنا حفص بن
(٨٦)