بحسب مواطنها فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين أحدهما تأويل مالك بن أنس وغيره معناه تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره والثاني أنه على الاستعارة ومعناه الاقبال على الداعين بالإجابة واللطف والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر وفي الرواية الثانية حين يمضي ثلث الليل الأول وفي رواية إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه قال القاضي عياض الصحيح رواية حين يبقي ثلث الليل الآخر كذا قاله شيوخ الحديث وهو الذي تظاهرت عليه الاخبار بلفظه ومعناه قال ويحتمل أن يكون النزول بالمعنى المراد بعد الثلث الأول وقوله من يدعوني بعد الثلث الأخير هذا كلام القاضي قلت ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به ثم أعلم بالآخر في وقت آخر فأعلم به وسمع أبو هريرة الخبرين فنقلهما جميعا وسمع أبو سعيد الخدري خبر الثلث الأول فقط فأخبر به مع أبي هريرة كما ذكره مسلم في الرواية الأخيرة وهذا ظاهر وفيه رد لما أشار إليه القاضي من تضعيف رواية الثلث الأول وكيف يضعفها وقد رواها مسلم في صحيحه باسناد لا مطعن فيه عن الصحابيين أبي سعيد وأبي هريرة والله أعلم قوله سبحانه وتعالى أنا الملك أنا الملك هكذا هو في الأصول والروايات مكرر للتوكيد والتعظيم قوله صلى الله عليه وسلم فلما يزال كذلك حتى يضئ الفجر فيه دليل على امتداد وقت الرحمة واللطف التام إلى إضاءة الفجر وفيه الحث على الدعاء والاستغفار في جميع الوقت المذكور إلى إضاءة الفجر وفيه تنبيه على أن آخر
(٣٧)