النبي صلى الله عليه وسلم صفهم صفين خلفه والعدو بينهم وبين القبلة وركع بالجميع وسجد معه الصف المؤخر وقاموا ثم تقدموا وتأخر الذي يليه وقام المؤخر في نحر العدو فلما قضى السجود سجد الصف المقدم وذكر في الركعة الثانية نحوه وحديث ابن عباس نحو حديث جابر لكن ليس فيه تقدم الصف وتأخر الآخر وبهذا الحديث قال الشافعي وابن أبي ليلى وأبو يوسف إذا كان العدو في جهة القبلة ويجوز عند الشافعي تقدم الصف الثاني وتأخر الأول كما في رواية جابر ويجوز بقاؤهما على حالهما كما هو ظاهر حديث ابن عباس الحديث الرابع حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بكل طائفة ركعتين وفي سنن أبي داود وغيره من رواية أبي بكرة أنه صلى بكل طائفة ركعتين وسلم فكانت الطائفة الثانية مفترضين خلف متنفل وبهذا قال الشافعي وحكوه عن الحسن البصري وادعى الطحاوي أنه منسوخ ولا تقبل دعواه إذ لا دليل لنسخه فهذه ستة أوجه في صلاة الخوف وروى ابن مسعود وأبو هريرة وجها سابعا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة ركعة وانصرفوا ولم يسلموا ووقفوا بإزاء العدو وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة ثم سلم فقضى هؤلاء ركعتهم ثم سلموا وذهبوا فقاموا مقام أولئك ورجع أولئك فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم وبهذا أخذ أبو حنيفة وقد روى أبو داود وغيره وجوها أخر في صلاة الخوف بحيث يبلغ مجموعها ستة عشر وجها وذكر ابن القصار المالكي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في عشرة مواطن والمختار أن هذه الأوجه كلها جائزة بحسب مواطنها وفيها تفصيل وتفريع مشهور في كتب الفقه قال الخطابي صلاة الخوف أنواع صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وأشكال متباينة يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى ثم مذهب العلماء كافة أن صلاة الخوف مشروعة اليوم كما كانت إلا أبا يوسف والمزني فقالا لا تشرع بعد النبي صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة واحتج الجمهور بأن الصحابة لم يزالوا على فعلها بعد النبي صلى الله عليه وسلم وليس المراد بالآية تخصيصه صلى الله عليه وسلم وقد ثبت قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما
(١٢٦)