الصلاة حين يراه قال القاضي عياض رحمه الله تعالى يجمع بين مختلف هذه الأحاديث بأن بلالا رضي الله عنه كان يراقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم من حيث لا يراه غيره أو الا القليل فعند أول خروجه يقيم ولا يقوم الناس حتى يروه ثم لا يقوم مقامه حتى يعدلوا الصفوف وقوله في رواية أبي هريرة رضي الله عنه فيأخذ الناس مصافهم قبل خروجه لعله كان مرة أو مرتين ونحوهما لبيان الجواز أو لعذر ولعل قوله صلى الله عليه وسلم فلا تقوموا حتى تروني كان بعد ذلك قال العلماء والنهي عن القيام قبل أن يروه لئلا يطول عليهم القيام ولأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه واختلف العلماء من السلف فمن بعدهم متى يقوم الناس للصلاة ومتى يكبر الامام فمذهب الشافعي رحمه الله تعالى وطائفة أنه يستحب أن لا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الإقامة ونقل القاضي عياض عن مالك رحمه الله تعالى وعامة العلماء أنه يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن في الإقامة وكان أنس رحمه الله تعالى يقوم إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة وبه قال أحمد رحمه الله تعالى وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون يقومون في الصف إذا قال حي على الصلاة فإذا قال قد قامت الصلاة كبر الامام وقال جمهور العلماء من السلف والخلف لا يكبر الامام حتى يفرغ المؤذن من الإقامة قوله قمنا فعدلنا الصفوف إشارة إلى أن هذه سنة معهودة عندهم وقد أجمع العلماء على استحباب تعديل الصفوف والتراص فيها وقد سبق بيانه في بابه قوله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف وقال لنا مكانكم فلم نزل قيامنا ننتظره حتى خرج الينا وقد اغتسل فقوله قبل أن يكبر صريح في أنه لم يكن كبر ودخل في الصلاة ومثله قوله في رواية البخاري وانتظرنا تكبيره وفي رواية أبي داود أنه كان دخل في الصلاة فتحمل هذه الرواية على أن المراد بقوله دخل في الصلاة أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للاحرام بها ويحتمل أنهما قضيتان وهو الأظهر وظاهر هذه الأحاديث أنه لما اغتسل وخرج لم يجددوا إقامة الصلاة وهذا محمول على قرب الزمان فان طال فلابد من إعادة الإقامة ويدل على قرب الزمان في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم مكانكم وقوله خرج إلينا ورأسه ينطف وفيه جواز النسيان في العبادات على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وقد سبق بيان هذه المسألة قريبا قوله ينطف بكسر الطاء وضمها لغتان مشهورتان أي يقطر وفيه دليل على طهارة الماء المستعمل قوله فأومأ إليهم هو مهموز قوله كان بلال يؤذن
(١٠٣)