فأكل القوم حتى نهلوا عنه، ما ترى إلا آثار أصابعهم، والله إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثم قال: أسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا، وأيم الله، إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب بالكلام، فقال: لقد سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
فلما كان الغد قال: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب ثم اجمعهم لي، ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي فقال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم واحدا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيم يوازرني على أمري هذا، فقلت وأنا أحدثهم سنا أنه أنا، فقام القوم يضحكون.
الدر المنثور: (سورة الشعراء) ج: ص 327.
- وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
يا علي، إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي، فأنزلت هذه الآية * (وتعيها اذن واعية) * فأنت اذن واعية لعلمي.