بالقرآن في مكة ولم يكن قد أجهر به أحد من المسلمين قبله فضربته قريش حتى أدموه ولما أسلم أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله إليه وكان يخدمه، وقال له " آذنك على أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادي (*) حتى أنهاك " فكان يلج عليه ويلبسه نعليه ويمشي معه وأمامه ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام، وكان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك.
هاجر الهجرتين جميعا إلى الحبشة وإلى المدينة، وشهد بدرا وما بعدها.
وقالوا فيه: كان أشبه الناس هديا ودلا وسمتا برسول الله (16).
سيره عمر في عهده إلى الكوفة، وكتب إلى أهل الكوفة:
إني قد بعثت عمار بن ياسر أميرا وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من أهل بدر فاقتدوا بهما وأطيعوا واسمعوا قولهما وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي (17).
فكان ابن مسعود يعلمهم القرآن ويفقههم في الدين وكان على بيت المال لما قدم الوليد الكوفة فاستقرضه مالا. وقد كانت الولاة تفعل ذلك ثم ترد ما تأخذ فأقرضه عبد الله ما سأله، ثم إنه اقتضاه إياه فكتب الوليد في ذلك إلى عثمان، فكتب عثمان إلى عبد الله بن مسعود: " إنما أنت خازن لنا فلا تعرض للوليد فيما أخذ من المال " فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال:
" كنت أظن أني خازن للمسلمين فأما إذا كنت خازنا لكم فلا حاجة لي في ذلك " وأقام بعد إلقائه المفاتيح في الكوفة (18).