" إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة وتسير أرواحنا معلقة بعز قدسك ".
وأما الثالثة: وهي سلامة وتقوية الجسم والأعضاء، وتعني التعبد بكل مادعا إليه الشارع المقدس من أحكام وعبادات وغيرها من الحقوق كما أشار إليه الإمام السجاد علي بن الحسين (عليهما السلام) في رسالة الحقوق. ومن هذا الباب: الآداب والسنن التي هي أخص من المندوبات والمستحبات المصطلحة في الفقه، وقد مر بكم آنفا شرحها في المقدمة الأولى، وقد تجنبنا إطالة الكلام، ولكنه أعجبني إيراد ما أفاده سيدنا الأستاذ العلامة محمد حسين الطباطبائي (قدس سره) في تفسيره الذائع الصيت " الميزان " في إيضاح معنى الأدب (1).
وكنا نريد أن نختصر ونتصرف في كلامه الرائع والقيم حول معنى الأدب، ولكننا تنحينا عن ذلك بدليلين بارزين:
الأول: أن العلامة الطباطبائي أفاد حق الكلام جامعا وشاملا ولا يجد ربنا أن نغير ونضيف في كلامه الثري، وهذا من سوء الأدب بحق الأستاذ ولا نحب أن نقترف ذلك لا سامح الله.
الثاني: أن العلامة نفسه اختصر في إيضاحه هذا - على ما يفهم من تضاعيف عباراته - ورأينا أنه لا يستحسن أن نحمل عباراته فوق ما تحتمل من الاختصار، فيمكن أن تفوتنا المفاهيم الرفيعة التي أراد العلامة إثباتها.
[كلام في معنى الأدب] وعلى هذا فالأحرى بنا إيراده كاملا كي نستوعب المضامين كلها إن شاء الله.
ولا يخفى أن العلامة الطباطبائي ذكر في إيضاحه هذا سننا عن الأنبياء (عليهم السلام) وبودنا - إن أتيح لنا المجال - أن نخوض في كتب الأحاديث عن كثب ونستخرجها ونرتبها ونبوبها في كتاب مستقل إن شاء الله، وإليكم النص من الميزان: