الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٨٧
من دعا بذلك عبد الله بن جحش، وقيل: عمرو بن العاصي، والمغيرة بن شعبة وقيل: بريد جاء بالفتح من بعض البعوث ودخل المدينة وهو يسأل عن عمر ويقول: أين أمير المؤمنين؟
وسمعها أصحابه فاستحسنوه وقالوا: أصبت والله اسمه إنه والله أمير المؤمنين حقا، فدعوه بذلك وذهب لقبا له في الناس، وتوارثه الخلفاء من بعده سمة لا يشاركهم فيها أحد سواهم إلا سائر دولة بني أمية. ا ه‍.
فصريح هذه النقول أن عمر نفسه ما كانت له سابقة علم بهذا اللقب لا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عن غيره، ولذلك استغربه وقال: ربي يعلم لتخرجن مما قلت. ولا كان عمر بن العاصي يعلم ذلك ولذلك نسب الإصابة بالتسمية إلى الرجلين ونحت لها من عنده ما يبررها. ولا كانت عند الرجلين - اللذين صح كما مر أنهما هما اللذان سمياه - أثارة من علم بما جاء به ابن كثير وإنما هو شئ جرى على لسانهما، ثم اعطف نظرة ثانية على كلمة ابن خلدون المقررة للخلاف في أول من سماه بأمير المؤمنين ولم يذكر فيه قولا بأن الرسول صلى الله عليه وآله هو الذي سماه، وصريح رواية الطبري إن عمر هو الذي رأى هذه التسمية.
نعم: إن الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين هو مولانا علي عليه السلام، أخرج أبو نعيم في حلية الأولياء 1: 63 بإسناده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس! اسكب لي وضوءا. ثم قام فصلى ركعتين. ثم قال: يا أنس! أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، قال أنس: قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار وكتمته إذ جاء علي فقال: من هذا يا أنس؟ فقلت: علي، فقام مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه، ويمسح عرق علي بوجهه. قال علي: يا رسول الله! لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل؟
قال: وما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي وأخرج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فغدا عليه علي بن أبي طا لب كرم الله وجهه بالغداة أن لا يسبقه إليه أحد فدخل فإذا النبي صلى الله عليه وسلم في صحن البيت فإذا رأسه في حجر دحية بن خليفة الكلبي فقال: السلام عليك، كيف أصبح رسول الله؟ قال: بخير يا أخا رسول الله! فقال علي: جزاك الله عنا خيرا أهل البيت
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»