نعم يقول المغيرة بن شعبة زاني ثقيف: إن النبي صلى الله عليه وآله أمرنا أن ندفعها إليهم و عليهم حسابهم (1) ويقول ابن عمر: إدفعوها إليهم وإن شربوا بها الخمر. ويقول: إدفعها إلى الأمراء وإن تمزعوا بها لحوم الكلاب على موائدهم. (2) نحن لا نقيم لأمثال هذه الآراء وزنا، ولا أحسب إن الباحث يقدر لها قيمة فإنها ولائد ظنون مجردة. وقد جاء في أولئك الأمراء بإسناد صححه الحاكم والذهبي من طريق جابر بن عبد الله قال قال صلى الله عليه وآله لكعب بن عجرة: أعاذك الله يا كعب! من إمارة السفهاء. قال: وما إمارة السفهاء يا رسول الله؟ قال: أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني و لست منهم، ولا يردون علي حوضي (3).
فإعطاء الصدقات لأولئك الأمراء من أظهر مصاديق الإعانة على الإثم والعدوان والله تعالى يقول: تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " سورة المائدة 2 ".
ثم إن الصدقات كضرائب مالية في أموال الأغنياء لإعاشة الضعفاء من الأمة قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله عز وجل فرض على الأغنياء في أموالهم ما يكفي الفقراء فإن جاعوا أو عروا أو جهدوا فبمنع الأغنياء، وحق على الله تبارك وتعالى أن يحاسبهم ويعذبهم. (الأموال لأبي عبيد ص 595، المحلى لابن حزم 6: 158، و أخرجه الخطيب في تاريخه 5: 208 من طريق علي مرفوعا) وفي لفظ: إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما متع به غني، والله سائلهم عن ذلك (نهج البلاغة 2: 214) هذا هو مجرى الصدقات في الشريعة المطهرة، وهو الذي يطهر صاحب المال و يزكيه، ويكتسح عن المجتمع معرة الآراء الفاسدة من الفقراء، المقلقة للسلام و المعكرة لصفو الحياة.