وحوله آلاف من المؤمنين يقولون بمقالته، وهو يحسب أنه أميرهم ولم يسألهم عما سأل الشامي عنه؟ ثم كيف انحلت تلك المشكلة بأبسط جواب؟ أو لم يكن الخليفة يعلم ذلك من أن الانسان إذا لم يكن مشركا أو منافقا فهو مؤمن لا محالة؟ أم أنه حسب أن المؤمن الواثق بإيمانه لا يجوز له أن يقول: أنا مؤمن. لأن ذلك القول كفر كما في حديث قتادة؟ وذلك تعبدا بقول عمر. لكن الله سبحانه مدح أقواما في الذكر بأن قالوا آمنا مثل قوله تعالى: قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله (1) وقوله: ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول (2) وقوله: ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا (3) وقوله: يقولون آمنا واشهد بأننا مسلمون (4) وقوله: يقولون ربنا آمنا (5) وقوله: قالوا آمنا برب العالمين (6) والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا. ومنهم من قال: بلى. إذا خوطب بقول العلي العظيم: أولم تؤمن (7) ومنهم من قال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين (8).
ومن جلية الواضحات عدم الفرق بين قول القائل: آمنا بكذا أو نحن مؤمنون أو أنا مؤمن بكذا إذا وثق من نفسه بإيمان، ومن فرق بينها فهو مجازف لا محالة.
ولعل الخليفة كان ناظرا إلى حراجة الموقف في الإيمان، وعزة خلوصة من خفيات صفات الشرك والنفاق حتى كان يسأل حذيفة عن نفسه، قال الغزالي في إحياء العلوم 1 ص 129: الأخبار والآثار تعرفك خطر الأمر بسبب دقائق النفاق والشرك الخفي وأنه لا يؤمن منه، حتى كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة عن نفسه وأنه هل ذكر في المنافقين؟ وهل هو منهم وهل عدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم؟ (9) م - وكان حذيفة صاحب السر المكنون في تمييز المنافقين، ولذلك كان عمر لا يصلي