بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٤ - الصفحة ٣٢٩
فمما سمعت من حديثه الذي حدث الناس به أنه قال: خرجت من بلدي أنا وأبي وعمي نريد الوفود على رسول الله صلى الله عليه وآله، وكنا مشاة في قافلة، فانقطعنا عن الناس، واشتد بنا العطش وعدمنا الماء، وزاد بأبي وعمي الضعف فأقعدتهما إلى جانب شجرة ومضيت ألتمس لهما ماء فوجدت عينا حسنة وفيها ماء صاف في غاية البرد والطيبة، فشربت حتى ارتويت، ثم نهضت لآتي بأبي وعمي إلى العين فوجدت أحدهما قد مات فتركته بحاله، وأخذت الآخر ومضيت في طلب العين، فاجتهدت إلى أن أراها فلم أرها ولا عرفت موضعها، وزاد العطش به حتى مات، فحرصت في أمره حتى واريته، وعدت إلى الآخر فواريته أيضا. وسرت وحدي إلى أن انتهيت إلى الطريق ولحقت بالناس ودخلت المدينة، وكان دخولي إليها في اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، فرأيت الناس منصرفين من دفنه فكانت أعظم الحسرات دخلت بقلبي، ووافى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فحدثته حديثي فأخذني وأقمت معه مدة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وفي أيام خلافته حتى قتله عبد الرحمان بن ملجم بالكوفة.
قال: ولما حوصر عثمان بن عفان في داره، دعاني ودفع إلي كتابا ونجيبا وأمرني بالخروج إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان علي عليه السلام غائبا ب‍ " ينبع " في ضياعه وأمواله، فأخذت الكتاب وركبت النجيب وسرت حتى إذا كنت بموضع يقال له: جنان أبي عباية، سمعت قرآنا فإذا أمير المؤمنين [عليه السلام] يقرأ: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) [115 / المؤمنون: 23] قال: فلما نظر إلي قال: يا أبا الدنيا ما وراءك؟
قلت: هذا كتاب عثمان فقرأه فإذا فيه:
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل * وإلا فأدركني ولما أمزق فلما قرأه قال: سرسر. فدخلنا المدينة ساعة قتل عثمان، فمال أمير المؤمنين عليه السلام إلى حديقة بني النجار، وعلم الناس بمكانه فجاؤوا إليه
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 [الباب الحادي والثلاثون] باب سائر ما جرى من الفتن من غارات أصحاب معاوية على أعماله عليه السلام وتثاقل أصحابه عن نصره وفرار بعضهم عنه إلى معاوية وشكايته عليه السلام عنهم وبعض النوادر 7
2 [الباب الثاني والثلاثون] علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه 167
3 [الباب الثالث والثلاثون] باب نوادر ما وقع في أيام خلافته عليه السلام وجوامع خطبه ونوادرها 183
4 [الباب الرابع والثلاثون] باب فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وذكر بعض المخالفين والمنافقين زائدا على ما أوردنا [ه] في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله وكتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام. 271
5 [الباب الخامس والثلاثون] باب النوادر 327
6 [الباب السادس والثلاثون] باب آخر نادر في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من الأشعار المناسبة لهذا المجلد وقد مر بعضها في الأبواب السابقة 395