فأرني قدرتك " وركب فعبرت الخيل لا تندى حوافرها، والإبل لا تندى أخفافها، فرجعنا فكان فتحها، وفي رواية أنس إنه مطرت السماء ثلاثة أيام ولياليها بوادي الخزان (1)، فقالوا: يا رسول الله هول عظيم، فقال: أيها الناس اتبعوني، وكنت آخر الناس، ولقد رأيت الماء ما بل أخفاف الإبل.
قوله: " ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين (2) " وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " اللهم العن رعلا وذكوان (3)، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعل سنيهم كسني يوسف " ففي الخبر أن الرجل كان منهم يلحق صاحبه فلا يمكنه الدنو، فإذا دنا منه لا يبصره من شدة دخان الجوع، وكان يجلب (4) إليهم من كل ناحية، فإذا اشتروه وقبضوه لم يصلوا به إلى بيوتهم حتى يتسوس (5) وينتن، فأكلوا الكلاب الميتة والجيف والجلود، ونبشوا القبور، وأحرقوا عظام الموتى فأكلوها، وأكلت المرأة طفلها، وكان الدخان متراكما بين السماء والأرض، وذلك قوله: " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم (6) " فقال أبو سفيان ورؤساء قريش: يا محمد أتأمرنا بصلة الرحم؟ فأدرك قومك فقد هلكوا، فدعا لهم، وذلك قوله: " ربنا اكشف عنا العذاب إنا موقنون (7) " فقال الله تعالى: " إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون (8) " فعاد إليهم الخصب والدعة، وهو